سألت الفقيرة: مريدة لله، عن معنى قول شيخنا سيدي حمزة العسل:
* انا عندي إذن قوي ولست أدعي، فانا رجل مسكين، وأحسب كل ما خلق الله تعالى خير مني وأنا هو الاخير.*
فكان ردها كما يلي:
( جزى الله خيرا من أعاننا في طريق السير إلى الله والفهم عنه عز وجل.
كأن قول شيخنا هذا جمع بين لسان الحقيقة :"أنا عندي إذن قوي" ولسان البشرية بالتواضع والانكسار التام لله "انا رجل مسكين".
وإذا كان مشايخ التربية المربين يتفاضلون في مقدار ما أوتوا من الإذن الرباني، فإن شيخنا الهمام قد أكرمه الله وآتاه إذنا قويا كبيرا.
فهو "مأذون من الحضرتين" الحضرة الالهية والحضرة النبوية، كما قال حفظه الله في مقولة أخرى.
ودائما ما يتحدث شيخنا بلسان الجلال، الجزم والثقة والقوة، حين يصف فضل الله عليه واصطفائه بالوراثة والتربية كقوله مثلا :"السر عندي أنا".
بينما يتحدث بلسان الجمال، الانكسار لله والتواضع ومحق الأنا، حين يصف بشريته ومراحل اجتهاده في التزكية وخدمته لمشايخه).
ثم تزكية لهذا الفهم الجميل، أقول ولله الحمد والمنة:
سيدي حمزة بن العباس رضي الله عنه أوتي إذنا قويا في التربية..
وقد أمر بالجهر بهذا الفضل حتى ينهل السالكون من فيوضات الطريقة وأنوارها..
مقام * مشيخته * يتحدث فيه ب * الأنا * بدون منازع، امتثالا لقوله تعالى:
* قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة، ( أنا ومن اتبعن) *، وقد سبق أن قلنا بأن * قل * هذه شملت النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه بسر الوراثة المحمدية في الدعوة إلى الله على بصيرة.
أقول في * مشيخته * رضي الله عنه، يجهر بذلك من غير تردد ودون أدنى شك من أمره..
* مشيخته * فيما بينه وبين الفقراء وتقدمه عليهم بهذا الفضل في التزكية الروحية، لم يكن بيده اختيار ذلك لولا الأمر الأقدسي في وجوب الخروج للناس بهدف إصلاحهم وتزكية أخلاقهم..
هذا الفضل، كان من ورائه *سيدي حمزة الإنسان * الذي كان يجتهد في طاعة ربه، وفي خدمة أشياخه والناس، ويحسب نفسه * وقتئذ * من فرط تعظيمه لجميع خلق الله من الأذلين والمساكين بينهم..
بل وهو آخرهم مرتبة عند الله لما نال من العلم الجليل في بحر * عظمة ربه *، فعظم بذلك صنعته * صنع الله الذي أتقن كل شيء* حتى بدا له أنه * الأخير * فيما تجلى الله به تعالى من الصفات بحقيقة جلال المقام.
غير أن الوقت ليس الوقت، في ذكر شيخنا لما كان عليه من حميد الوقوف بباب * الذل * لله تعالى الذي لا يلجه إلا القليل حتى بلوغ * المشيخة * قهرا، فانفلت الريحان من عبق الزمان ليندمج فضل المنة بذكر حمزة الإنسان..
بل عنده، كلاهما في التو والآن..
فإزاء ربه كل من عليها فان، وإزاء الققراء يذكرهم حتى لا ينسوا فضل الكريم المنان.
فتنعكس * المشيخة * و * البشرية * لحظة بلحظة، وكلاهما سواء عند أهل الإحسان..
ادريس انيبري