وفي الحقيقة وما ذكر الله إلا الله.ولا عرفه سواه.ولا وحده حقا إلا إياه.أما ذكره لنفسه فقوله تعالى: "ولذكر الله أكبر"فذكره جل وعلا لنفسه أكبر وأعظم وأكمل وأتم من ذكر غيره له. وأما معرفته به فقوله تعالى: "وما قدروا الله حق قدره"فهو العارف بكمال ذاته. وعظيم صفاته. وغيره من جميع مخلوقات عاجزون عن أن يحيطوا ببعض مخلوقاته. فكيف بصفة من صفاته. وأما توحيده له فقوله تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو"الآية فهو العالم بتوحيده على الحقيقة والكمال. وما وحده غيره من خلقه إلا بعد ما وحد نفسه.
وأفاض من نور توحيده شيئا على ملائكته. وأولى العالم بقدر ما يمله كل صنف منهم. وما سبق لهم من قسمة قسمها في أزلية علمه. فوجوده بنور توحيده. لا بذات نفس توحيده. وكل عارف عاجز عن معرفته. والمعرفة موجودة فيه. لأنها ضرورية وهي غاية المعرفة فان مثل المعرفة الضرورية كالسراج في الشمس وانبساط شعاعها عليه. ولهذا أكمل التوحيد رسوخه في العقل وأقواه سببا في الحجة. وأثبته تبيانا في الذهن. وأحقه تمكينا في اليقين. وأوضحه ظهورا في المحجة. والصفة اتحادا بالقلب ما أخذه الموحد بشاهد من شواهد ضرورات نفسه. وتحققه بنظر سالم ونقد صحيح من أدرك عقله من غير تقليد ولا تشكيك. ولا ظن ولا ترديد فان التقليد في التوحيد. بعيد المزيد. ولا ينفع ولا يفيد. والتقليد هو التزام قول الغير من غير معرفة برهان ولا بيان دليل ولا يرضى به إلا كل غبي الفهم غليظ الطبع بليد الفكر جاهل ذليل. مبعود محجوب. مهمل مسلوب. عصمنا الله وإياكم من حجاب هذه الصفة. وجعلنا من أهل العلم والفهم والتحقيق والمعرفة بمنه.
وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القلوب أربعة أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أسود منكوس فذلك قلب الكافر وقلب أغلف مربوط على غلاف فذلك قلب المنافق وقلب تصفح فيه إيمان ونفاق فمثال الإيمان فيه البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرعة يمدها القيح والصديد فأي المادتين غلبت حكم له بها"وفي رواية "ذهبت به".
وقال علي كرم الله وجهه ورضي عنه: "القلب الأجرد هو انجراده بالزهد في الدنيا وتجريده من الهوى. وسراجه الذي يزهو فيه هو نور اليقين يبصر به اليقين".
قال بعضهم: القلب الأجرد هو انجراده بالتوحيد عن التشكيك والترديد والتقليد وتجريده عما سوى الله. والقلب المنكوس هو من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم. ونكسه عكس رؤية نور ضرورة علم التوحيد برؤية ظلمة الفكر والإشراك.
وفي هذه قال بعض العارفين: أشد الظلم ظلمة العلم وأعظم الجهل جهل التقليد.
والقلب الأغلف هو المحجوب بظلمة ظلام جهل التقليد. عن رؤية شمس النبوة والتوحيد.
القصد المجرد
في معرفة الاسم المفرد