آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكمة ( 78 ) : الرجاء ما قارنه عمل وإلا فهو أمنية .

الحكمة ( 78 ) : الرجاء ما قارنه عمل وإلا فهو أمنية .

قال بعض العلماء: الرجاء تعلق القلب بمطموع يحصل في المستقبل مع الأخذ في العمل المحصل له وأقرب منه طمع يصحبه عمل في سبب المطموع فيه لأجل تحصيله، والأمنية أشتهاء وتمني لا يصحبه عمل.

    فمن رجا أن يدرك النعيم الحسي كالقصور والحور، فعليه بالجد والطاعة والمسارعة إلى نوافل الخيرات، وإلا كان رجاؤه حمقاً وغروراً، وقد قال معروف الكرخي رضي الله عنه:" طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وأرتجاء الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور وأرتجاء رحمة من لا يطاع جهل وحمق" فمن كان رجاؤه تحقيق العلوم وفتح مخازن الفهوم فعليه بالمدارسة والمطالعة ومجالسة أهل العلم المحققين العاملين مع تحليته بالتقوى والورع قال تعالى: " واتقوا الله ويعلمكم الله" فإن فعل هذا كان طالباً صادقاً وإلا كان باطلاً وبقي جاهلاً، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:" أنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم من يطلب الخير يؤته ومن يتق الشر يوقه"،ومن كان رجاؤه الوصول إلى ادراك المقامات وتحقيق المنازلات ومواجيد المحبين وأذواق العارفين، فعليه بصحبة الفحول من الرجال أهل السر والحال، بحط رأسه وذبح نفسه والأخذ فيما كلفوه به من الأعمال مع الذل والأفتقار والخضوع والأنكسار، فإن زعم أنه لم يجدهم فليصدق في الطلب فسر الله كله في صدق الطلب، وليستغرق أوقاته في ذكر الله وليلتزم الصمت والعزلة وليحسن ظنه بالله وبعباد الله، فإن الله يقيض له من يأخذ بيده، "إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم"، وقد ثبت أن حقائق علوم الصوفية منح إلهية ومواهب إختصاصية، لا تنال بمعتاد الطلب، فلزم مراعاة وجه ذلك وهو ثلاث:

أولها: العمل بما علم قدر الأستطاعة.
الثاني: اللجاء إلى الله على قدر الهمة.
الثالث: أطلاق النظر في المعاني حال الرجوع لأصل السنة فيجري الفهم وينتفي الخطأ ويتيسر الفتح.

وقد أشار الجنيد رحمه الله تعالى إلى ذلك بقوله:" ما أخذنا التصوف عن القيل والقال والمراء والجدال إنما أخذناه عن الجوع والسهر وملازمة الأعمال"، أو كما قال وفي الخبر عنه عليه الصلاة والسلام:" من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم" وقال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه:" إذا أعتقدت النفوس على ترك الآثام جالت في الملكوت ورجعت إلى صاحبها بطرائف العلوم من غير أن يؤدي إليها عالم علماً ".

    فمن رجا أن يدرك هذه الأمور المتقدمة وشرع في أسبابها وتحصيل مباديها كان علامة على نجح مطلبه وكان رجاؤه صادقاً ومن طمع فيها من غير أن يأخذ بالجد في أسباب تحصيلها كان أمنية أي غروراً وحمقاً وكان الحسن رضي الله عنه يقول:" يا عباد الله أتقوا هذه الأماني فأنها أودية النوكي يحلون فيها فو الله ما أتى الله عبداً بأمنية خيراً في الدنيا والآخرة "، والنوكي بفتح النون جمع أنوك وهو الأحمق.
إيقاظ الهمم في شرح الحكم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية