آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية ( 201 ) : تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال .

حلاوة الهوى على قسمين:
هوى النفس 
وهوى القلب
فهوى النفس يرجع لشهواتها الجسمانية كحلاوة المآكل والمشارب والملاهي والمراكب والمناكح والمساكن.
وهوى القلب هو شهواته المعنوية كحب الجاه والرياسة والعز والمدح والخصوصية والكرامات وحلاوة الطابعات الحسية كمقام العباد والزهاد وحلاوة علم الحروف والرسوم .
فأما علاج هوى النفس فأمره قريب يمكن علاجه بالفرار من أوطان ذلك والزهد وصحبة الأخيار.

وأما علاج هوى القلب إذا تمكن فهو صعب وهو الداء العضال الذي أعضل الأطباء أي أعجزهم وحبسهم عن علاجه فلا يزيد الدواء إلا تمكنا، وإنما يخرجه وارد إلهي بعناية سابقة بواسطة أو بغير واسطة، كما أشار إلى ذلك بقوله:"لا يخرج الشهوة من القلب الاخوف مزعج أو شوق مقلق".

قلت الشهوة إذا تمكنت من القلب صعب علاجها فلا يمكن خروجها في العادة إلا بوارد قهري جلالي أو جمالي، فالوارد الجلالي هو خوف مزعج فيزعجك عن شهوتك ويخرج عن وطنك وأهلك، والوارد الجمالي هو شوق مقلق فيقلقك عن مراداتك وحظوظك فينسيك نفسك ويؤنسك بربك، ولأجل صعوبة هذا المرض كان أشد حجابا عن الله العلماء ثم العباد ثم الزهاد لأن هذه الشهوة خفية لأن صاحبها "أضله الله على علم" الآية، فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أي أضلهم عن طريق الخصوص وبقوا في طريق العموم.

أما العلماء الظاهريون فهم يعتقدون انه لا فضيلة فوق علمهم حتى أني سمعت من بعضهم يقول أن مقام الإحسان هو مقامهم الذي هم فيه من العمل بظاهر الكتاب والسنة ولا مقام فوق ذلك فكيف يمكن إخراج هذا إلا بعناية سابقة، وأما العباد والزهاد فهم يقولون أيضاً هذه غاية المحبة والطاعة ويزيدهم بعدا ما يرونه من الكرامات الحسية فيزدادون حجابا وتمكنا في حالهم، وأما العوام وأهل الغفلة فهم أقرب الناس إلى الانقياد والنفوذ إلى ربهم، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال:" أكثر أهل الجنة البله" أي المغفلون.

ومما يدلك على أن الشهوة القلبية اصعب من الشهوة النفسية قصة آدم والشيطان فإن آدم عليه السلام كانت شهوته في بطنه فتداركه الله بعناية والشيطان كان شهوته في قلبه قال أما خير منه فجرد إلى يوم القيامة.
ثم اعلم أن الخوف على قسمين:

خوف العوام 
وخوف الخواص
خوف العوام من العقاب والعذاب
وخوف الخواص من القطيعة والحجاب
والشوق أيضاً على قسمين:
شوق العوام للحور والقصور
وشوق الخواص للشهود والحضور
شوق العوام لنعيم الأشباح وشوق الخواص لنعيم الأرواح
شوق العوام ناشئ عن قوله تعالى:" وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ".
وشوق الخواص ناشئ عن قوله تعالى: "وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "

فإذا دخل الخوف أو الشوق إلى القلب أخرج كل ما فيه من الأغيار وملئ بالمعارف والأنوار فحينئذ تخلص الأعمال وتزكوا الأحوال ويقبل عليه ذوو العظمة والجلال.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية