آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية ( 179 ) : ربما رزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة .

 الحكمة ( 179 ) : ربما رزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة .

الكرامة الحسية هي خرق الحس العادى كالمشى على الماء والطيران في الهواء وطي الأرض ونبع الماء وجلب الطعام والإطلاع على المغنيات وغير ذلك من خوارق العادات، والكرامة المعنوية هي استقامة العبد مع ربه في الظاهر والباطن،وكشف الحجاب عن قلبه حتى عرف مولاه، والظفر بنفسه ومخالفة هواه، وقوة يقينه وسكونه وطمأنينته بالله، والمعتبر عند المحققين هي هذه الكرامة، وأما الكرامة الحسية فلا يطلبونها ولا يلتفتون إليها، إذ قد تظهر على يد من لم تكمل استقامته، بل قد تظهر على يد من لا استقامة له أصلاً كالسحرة والكهان، وقد تظهر على أيدي الرهبان وليست بكرامة إنما هي استدراج، قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه: "إنما هما كرامتان جامعتان محيطتان: كرامة الإيمان بمزيد الإيقان وشهود العيان، وكرامة العمل على الإقتداء والمتابعة ومجانبة الدعاوى والمخادعة، فمن أعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد مفتر كذاب وذو خطأ في العلم والعمل بالصواب، كمن أكرم بشهود الملك على نعت الرضا فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب وخلع الرضا. وكل كرامة لا يصحبها الرضا عن الله ومن الله فصاحبها مستدرج مغرور أو ناقص أو هالك مثبور". 

قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه:" ليس الشأن من تطوى له الأرض فإذا هو بمكة أو غيرها من البلدان إنما الشأن من تطوى له صفات نفسه فإذا هو عند ربه" ، والكرامة الحقيقية هي الاستقامة على الدين وحصول كمال اليقين وأما خوارق العادات الحسية فإن صحبتها الاستقامة ظاهراً وباطناً وجب تعظيم صاحبها لأنه شاهدة له بالكمال مما هو فيه، وإن لم تصحبها استقامة فلا عبرة بها، والغالب أن أهل الباطن كرامتهم باطنية ككشف الحجب ومزيد الإيمان ومعرفة الشهود والعيان وكذلك عقوبة من آذاهم جلها باطية لا يتفطنون لها كقساوة القلب والإنهماك في الذنوب والغفلة عن الله والبعد عن حضرته ولكن لا يشعرون، وهي أعظم من العقوبة في الحس.

والحاصل أن أهل الاستقامة الظاهرية كرامتهم ظاهرية حسية وأهل الاستقامة الباطنية كرامتهم باطنية معنوية أهل الظاهر من آذاهم عوقب في الظاهر وأهل الباطن من آذاهم عوقب في الباطن، وقد لا يعاقب لأنهم رحمة، كل من قرب منهم شملته الرحمة كان قربه تسليماً أو انكاراً، هم قوم لا يشقى جليسهم، على قدم النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" وكل ولي أراد الله تعالى أن ينتفع الناس على يده لا يعاجل بالعقوبة من آذاه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خيره ملك الجبال فحلم صلى الله عليه وسلم وعفا وقال لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يقول:" لا إله إلا الله" والله تعالى أعلم.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية