الأنوار التي أذن لها في الوصول فهي أنوار الإيمان، وهي لأهل الدليل والبرهان ،لأن قلوبهم لم تتفرغ من الأغيار ولم تمح منها صور الآثار، فلما جاءت وجدت داخل القلب مملوءاً بصور الآثار، فوقفت في ظاهر القلب.
وأما الأنوار التي أذن لها في الدخول، فهي أنوار الإحسان من الشهود والعيان، وذلك لأنهم لما فرغوا قلوبهم مما سوى ربهم دخلتها الأنوار فوجدت متسعاً فسكنت سويداء قلوبهم و،علامة النور الواصل والداخل، أن صاحب النور الواصل للظاهر فقط تراه تارة مع الدنيا وتارة مع الآخرة، تارة مع حظ نفسه وتارة في حق ربه، تارة مع الغفلة وتارة مع اليقظة ،وصاحب النور الداخل لسويداء القلوب لا تراه إلا مع ربه لا يشغله عنه حظوظ الدنيا ولا حظوظ الآخرة، غائباً عن نفسه حاضراً مع ربه، قال بعض الحكماء:" أن الإيمان إذا كان في ظاهر القلب كان العبد محباً لآخرته ودنياه فيكون صاحبه تارة مع ربه وتارة مع نفسه، وبقدر تمكن النور في القلب ودخوله إليه يكون بغض العبد للدنيا وتركه لهواه" وفي هذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" النور إذا دخل القلب انفسخ وانشرح قيل: فهل له من علامة يا رسول الله ؟ قال: نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والتزويد لسكنى القبور والتأهب ليوم النشور".
ثم اعلم أن الأنوار التي أذن لها في الوصول عامة لجميع المؤمنين وقد تقدم قول أبي الحسن:" لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض"، وأما الأنوار التي أذن لها في الدخول فهي خاصة بالخواص أهل التفرغ من الأغيار ولوث الأنوار، فأما من كان قلبه محشوا بصور أثارها فلا يطمع في نيل أسرارها.
إيقاظ الهمم في شرح الحكم