قصيدة "دنوتُ من حيِّ لَيلى" للشيخ أحمد العلوي قدس الله سره
دنوتُ من حيِّ لَيلى ** لمّا سمِعتُ نِداها
يا لهُ من صوت يحلو ** أودُّ لا يتناهى
رضَت عنّي جذَبتني ** أدخَلتني لحِماها
آنستني خاطَبتني ** أجلَستَني بحِذاها
قرّبت ذاتها منّي ** رفَعَت عنّي رداها
أدهَشَتني تيَّهتني ** حيَّرَتني في بهاها
أخذتْ قَوْسِي وَوَزْنِي ** لِكَيْ نَتَّبِِعْ غِنَاهَا
فإذا ما كان منّي ** غير أن سَجَدْتُ لها
أخذتْني مَلَكَتْنِي ** غيبتني في معناها
حتّى ظنَنتُها أنّي ** وكانَت روحي فداها
بدَّلتني طوَّرَتني ** وسمتني بسِماها
جمَعتني فردتني ** لقبَّتني بكُناها
قتَلَتني مزقتني ** خضبتني بدِماها
بعدَ قتلي بعثَتني ** ضاءَ نجمي في سماها
أينَ روحي أينَ بدني ** أينَ نفسي وهوها
قد بدا منها لجَفني ** ما قد مضى من خفاها
تاللهِ ما رأت عيني ** ولا شهدَت سواها
جُمِعَت فيها المعاني ** سُبحانَ الذي أنشاها
يا واصفَ الحُسنِ عنّي ** هاكَ شيئاً من سناها
خُذا منّي هذا فنّي ** لا تنظُر فيه سفاها
ما كذَبَ القَلبُ عنّي ** إذا باح بلِقاها
إذا كان القروب يُفني ** أنا الباقي ببقاها
يا لها من نورٍ يُغني ** عنِ الشمسِ وَضُحاها
بل هي شمسُ المعاني ** والقمر إذا تلاها
بها نارَت المباني ** والنهار إذا جلّاها
إن رأت سواها عيني ** كالليلِ إذا يغشاها
فاقَت حورَ الخلدِ حقّا ** والسما وما بناها
بل هي حورُ الأعيانِ ** والأرضِ وما طحاها
الكلُّ لها أواني ** ونفسٍ وما سوّاها
عرفتني ألهمتني ** فجورها وتقواها
أيَّدتني قرَّبتني ** قد أفلحَ من زكّاها
من عرف النفس يجني ** وقد خابَ من دسّاها
يا خيبةَ العمرِ منّي ** لو حكمت بطغواها
لكانت ثمود منّي ** أو كنتُ منها أشقاها
لكنَّ المولى عصمني ** من شرِّها وهَواها
يا إلاهي لاتكلّني ** لنَفسي أني أخشاها
أن تفرُط عنّي في ديني ** وأن تطغى في عماها
بجاهِ من بهِ عوني ** خيرِ العالمينَ طها
لولاهُ ما كان منّي ** ما قد كان من هُداها
جُزَيْتَ خيراً عن لَسْنِي ** يا من بكَ الحق باهى
أنتَ حصني أنت عوني ** من نفسي وما والاها
أنتَ أولى بها منّي ** أنتَ خيرُ من زكّاها
يا طبيب القلبِ غثني ** يوماً تَقُولْ أنا لها
أجعَلني غدا في أمنٍ ** من وقفة لا نرضاها
أنا ومن كان منّي ** ومن للصحبة رعاها
هكذا واللَهِ ظنّي ** في عينِ الرحمة مولاها
لا زالَ فضلهُ عنّي ** يُرى لِذَوي النباها
حسبي من حبيبي أنّي ** مُتصل به شفاها
لنا منهُ نورٌ يسنو ** قد ضاءَت منهُ جباها
يا عارِفَ الروح منّي ** لا يخفى عنكَ صفاها
تمَّ نظمي هذا وزني ** لكَ فيهِ ما يُشتَهى
لو أضللتَ دُرَّه تغنى ** في معارفي تلقاها
خُذِ الثمارَ من غُصني ** ذي المعارف مولاها
لا زالَ العلاوي يجني ** من علومهِ علاها
البوزيدي به نعني ** أُستاذي قبلي سَقاها
عليهِ لا زِلتُ أُثني ** والثنا لا يتناهى
بالرحمة خلّي زوِّدني ** بعدَ موتي لا تنساها
ظنّي فيكَ لا تُهمِلني ** والدعا ربّي يرضاها