آخر الأخبار

جاري التحميل ...

يا من تريد تدري فني

(يا من تريد تدري فني) يخاطب المريد وهو المتجرد عن إرادته و هو الذي لا يريد شيئا غير الله وهو الذي صح له الانتماء و دخل في جملة المنقطعين إلى الله تعالى بذكره فمن افرغ قلبه من الخواطر و من كل علم و عمل و جلس مع الله تعالى على الصفاء كان هذا مريدا.
و أما الدراية فهي الاطلاع عما تكنه قلوب القوم من المعاني و المعارف أما الفن فهو حفظ أسرار القلوب و جمع البواطن و إزالة الفرق بمحو الران من القلوب ليحصل لها المشاهدة.
( فاسأل عني الإلوهية ) لان للقطب سر من الله تعالى في رد القلوب إلى مقام التفريد إلى الله تعالى لان الله خلق الناس لمعرفته و خلق المكلف من اجله فلا ينظر إلى غيره و بسر القطب مع الله يقطع القلوب عن غيره و يردها إلى الله.
( أما البشر لا تعرفني) إذ كيف يعلم عامة الخلق حال من يسكن عند ربه فالساكن عند احد ملوك الأرض لا يعرف فما بالك بمن سكن عند ملك الملوك:
( فلو تسال الأيام ما اسمي ما درت ** و أين مكاني ما عرفنا مكاني ) 
قال صاحب الحكم :(سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه ا من حيث جعل الدليل عليه و لم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه) و في بعض الإشارات الالهية: (أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم احد غيري ) و لهذا قال اسأل عني الإلوهية يقول الإمام ابن العباس المرسي: ( إذا أراد الله أن يعرفك بولي من أوليائه طوي عنك وجود بشريته و أشهدك وجود خصوصيته ). 
( أحوالي عنه غيبية) لان حاله بين سير و طير لتقلبه في الارتقاء من عال إلى أعلى فلا يقيده وصف و لا يحبسه نعت.
( اطلبني عند التداني )هذا أمر بالطلب إذ لا غنى لأي إنسان كان عن طلب شيخ التربية فكما أن إتباع الرسل واجب لا يتم الإسلام إلا به فكذلك طلب القطب الوارث واجب لا يتم الإحسان إلا به و التداني هو طلب القرب بان يسعى العبد في الأوبة و الرجوع و ذلك بالتوبة من كل ما يبعد العبد على ربه فلابد من التخلي عن الأوصاف الرديئة و الأفعال الدنية حتى يصبح العبد أهلا لجذبة العناية الالاهية وذلك بان يجمع همته على العزم ليعرف الطريق بالذوق و ليكن صادقا في طلبه لشيخه و محبته فمن أحبه لا يركن إلى عذاله و المنكرين عليه و المعترضين على آرائه بالجهل إذ أول ما يجب على الفقير العزلة و لا يجالس إلا من أخذته الطريق و تفرق عنه كل صديق و هذا حال الطالب و يحصل التداني المعنوي بنزع الحسد و الغيبة و البغي و المخادعة و الكذب و الكبر و العجب و الترف و الافتخار و حظوظ النفس من تصدر للمجالس و الجدال و الميزان فمن بقيت فيه خصلة من هذه الخصال فهو غير صادق و لا يجيء منه شيء في طريق الله لأنها توقف صاحبها عن السير بل تطرده من حضرة الله لأنها صفات للشياطين.
( من وراء العبودية) يقول مولانا أبو الحسن الشاذلي قدس الله تعالى روحه: ( تصحيح العبودية يكون بملازمة الفقر و العجز و الضعف والذل لله تعالى فالواجب على الفقير أن يقصد الحق بهذه الأوصاف إن أراد الدخول في طريق الله تعالى ).
( أما الظروف و الأكوان ليس لي فيها بقية ) شرف الظرف حسب شرف مظروفه فمن كان في مقام سادتنا الأقطاب تحقق بانفصاله عن لوث الصلصال بورود رائد الوصال و بإزالة أوصاف النفوس بما أدير عليهم من آثار الحب كؤوسا يقول الإمام ابن عطاء الله (يمحو أوصافهم و يثبت أسرارهم) و كيف يكون له بقية في الكون و قد زج بها في ضمير كن يعني أفناها في قبضة النور الزكية ( قبضت قبضة من نوري فقلت لها كوني محمد فكان منها كل ما كان و ما يكون) و لما كان لمعة من نور المصطفى صلى الله عليه و سلم فأين يكون له في الكون بقية .
( إني مظهر رباني و الحال يشهد عليا ) كل ما ظهرعلى القطب فمن أوصاف الحق جل و على فعلمه من علم الله و أرادته بإرادته و سمعه بسمعه و بصره ببصره و كلامه بالله فهو مظهر من مظاهر الأسماء و الصفات تجلت في ذات تابعة للذات و له شاهد الحال قائم يدل على ربانيته فمظهره يجذب الأرواح إلى أوطانها لأنه مرآة الحق جل و على قال الإمام أبو العباس رضي الله تعالى عنه ( لو كشف عن حقيقة الولي لعبد لأن أوصافه من أوصافه و نعوته من نعوته . 
( أنا فياض الرحمان ظهرت في البشرية) فمن حيث انفراد الذات وظهورها على المكونات يصير القاصد عين المقصود قال الله تعالى :(و أشرقت الأرض بنور ربها ). 

منح الخصوص اللّدنيّة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية