الإشارة
اعلم أن المنكرين على أهل الخصوصية ثلاث فرق: أهل الرئاسة المتكبرون، والفقهاء، المتجمدون، والعوام المقلدون، يصدق عليهم قوله تعالى: { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني }؛ إذ لا علم عندهم يُميزون به المحق من المبطل، وإنما هم مقلدون، فوزرهم على مَن حرمهم بركة الاعتقاد، وأدخلهم في شؤم الانتقاد، ولقد أحسن " ابن البنا " حيث قال في شأن أهل الإنكار:
إذْ جَهِلُوا النفوسَ والقلوبَ وطلبُوا مَا لم يكُنْ مَطلُوبَا
واشْتَغَلُوا بعَالَمْ الأبدانِ فالكلُّ نساءٍ منْهمُ ودَانِ
وأنكَرُوا مَا جَهِلوا وزَعموا أنْ لَيسَ بعدَ الجسمِ شَيْءٌ يُعلمُ
وكفَّرُوا وزندقُوا وبدَّعُوا إذَا دَعَاهُم اللَّبِيبُ الأوْرَعُ
كلٍّ يرى أنْ لَيسَ فوقَ فَهْمِهِ فَهْمٌ ولاَ عِلْمٌ وراءَ عِلْمِهِ
مُحْتَجِباً عَنْ رؤيةِ المَراتبْ عَلّ يُسْمَى عَالماً وَطالبِ
هَيْهَاتَ هذا كُلَّه تقْصِيرُ يأنَفُهُ الحَاذقُ والنَّحْرِيرُ
تفسير ابن عجيبة