آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مقام الغيرة عند الصوفية

قال الله تعالى :"قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن".

وفي الصحيح عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : ما أحد أغير من الله ، ومن غيرته : حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن . وما أحد أحب إليه المدح من الله . ومن أجل ذلك أثنى على نفسه . وما أحد أحب إليه العذر من الله . من أجل ذلك : أرسل الرسل مبشرين ومنذرين . 

وفي الصحيح أيضا ، من حديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله : أن يأتي العبد ما حرم عليه . 

وفي الصحيح أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتعجبون من غيرة سعد ؟ ! لأنا أغير منه . والله أغير مني . 

ومما يدخل في الغيرة قوله تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا . 

قال السري لأصحابه : أتدرون ما هذا الحجاب ؟ حجاب الغيرة . ولا أحد أغير من الله . إن الله تعالى لم يجعل الكفار أهلا لفهم كلامه ، ولا أهلا لمعرفته وتوحيده ومحبته . فجعل بينهم وبين رسوله وكلامه وتوحيده حجابا مستورا عن العيون ، غيرة عليه أن يناله من ليس أهلا به . 
والغيرة نوعان : غيرة من الشيء . وغيرة على الشيء . 
والغيرة من الشيء : هي كراهة مزاحمته ومشاركته لك في محبوبك . 
والغيرة على الشيء : هي شدة حرصك على المحبوب أن يفوز به غيرك دونك أو يشاركك في الفوز به . 
والغيرة أيضا نوعان : غيرة العبد من نفسه على نفسه ، كغيرته من نفسه على قلبه ، ومن تفرقته على جمعيته ، ومن إعراضه على إقباله ، ومن صفاته المذمومة على صفاته الممدوحة . 
وهذه الغيرة خاصية النفس الشريفة الزكية العلوية . وما للنفس الدنية المهينة فيها نصيب . وعلى قدر شرف النفس وعلو همتها تكون هذه الغيرة . 
ثم الغيرة أيضا نوعان : غيرة الحق تعالى على عبده ، وغيرة العبد لربه لا عليه . فأما غيرة الرب على عبده : فهي أن لا يجعله للخلق عبدا . بل يتخذه لنفسه عبدا . فلا يجعل له فيه شركاء متشاكسين . بل يفرده لنفسه . ويضن به على غيره . وهذه أعلى الغيرتين . 

وغيرة العبد لربه ، نوعان أيضا : غيرة من نفسه . وغيرة من غيره . فالتي من نفسه : أن لا يجعل شيئا من أعماله وأقواله وأحواله وأوقاته وأنفاسه لغير ربه ، والتي من غيره : أن يغضب لمحارمه إذا انتهكها المنتهكون . ولحقوقه إذا تهاون بها المتهاونون . - قال بعضهم: إن الغيرة من صفات أهل البداية، وإن الموحد لا يشهد الغيرة ولا يتصف بالاختيار، وليس له فيما يجري في المملكة تحكم، بل الحق سبحانه أولى بالأشياء فيما يقضى على ما يقضي.

- قيل: الغيرة عمل المريدين فأما أهل الحقائق فلا.
- يقول الشبلي رضي الله عنه: الغيرة غيرتان: غيرة البشرية على النفوس، وغيرة الإلهية على القلوب.
وقال أيضا: غيرة الإلهية على الأنفاس أن تضيع فيما سوى الله تعالى.
والغيرة غيرتان: غيرة الحق سبحانه على العبد وهو أن لا يجعله للخلق فيضن به عليهم , وغيرة العبد للحق وهو أن لا يجعل شيئا من أحواله وأنفاسه لغير الحق تعالى , فلا يقال أنا أغار على الله تعالى ولكن يقال: أنا أغار لله تعالى، فإذن الغيرة على الله جهل، وربما تؤدي إلى ترك الدين، والغيرة لله تعالى توجب تعظيم حقوقه وتصفية الأعمال له.
واعلموا أن من سنة الحق تعالى مع أوليائه أنهم إذا ساكنوا غير أو لاحظوا شيئا أو ضاجعوا بقلوبهم شيئا شوش عليهم ذلك فيغار على قلوبهم بأن يعيدها خالصة لنفسه فارغة عما ساكنوه أو ضاجعوه، كآدم عليه السلام لما وطن نفسه على الخلود في الجنة أخرجه منها.

- قال النصرأباذي: الحق تعالى غيور ومن غيرته، أنه لم يجعل إليه طريقا سواه.
- قيل: مرضت رابعة العدوية فقيل لها: ما سبب علتك؟ فقالت: نظرت بقلبي إلى الجنة فأدبني.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية