قال في الإحياء: النزوع إلى الدنيا يَحجب عن لقاء الله تعالى، وعند الحجاب تتسلط عليهم نار جهنم، إذ النار غير متسلطة إلاّ على محجوب، قال تعالى: { كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} فرتَّب العذاب بالنار على ألم الحجاب، وألم
الحجاب كافٍ من غير عِلاوة النار، فكيف إذا أضيفت العلاوة إليه! هـ. وقد
رتَّب الحجاب على الران والصدأ المانع من كشف الحقيقة، فكل من طهّر قلبه من
ران الهوى، وغسله بأنوار الذكر والفكر لاحت له أنوار المشاهدة وأسرار
الحضرة، حتى يشاهد الحق في الدنيا والآخرة، ويكون من المقربين أهل عليين،
وكل مَن بقي مع حظوظ هواه حتى غلب على قلبه رانُ الشهوات بقي محجوباً في
الدارين من عامة اليمين. وأنواع الران التي تحجب عن الشهود ست: ران الكفر،
وران العصيان، وران الغفلة، وران حلاوة الطاعات، وران حس الكائنات، فإذا
تصفّى من هذه كلها أفضى إلى مقام العيان، ولا طريق لرفع الران بالكلية
إلاَّ بصُحبة المشايخ العارفين.