آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سوء الظن بالآخرين

في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تَناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً "معنى سوء الظن اصطلاحًاقال الماوردي: (سوء الظن: هو عدم الثقة بمن هو لها أهل) .

وقال ابن القيم: (سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس؛ حتى يطفح على اللسان والجوارح) .
وقال ابن كثير: سوء الظن (هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله)
وقال ابن سمعون: الظن ما يتردد فى النفس من حيث أملها باستدلالها على حظها بوصفها فيتردد ولا يقف فيمكن من الإيواء إليه فما كان هذا وصفه فهو ظن.
وقال أبو عثمان: من وجد فى قلبه عيباً لأخيه ولا يعمل فى صرف ذلك عن قلبه بالدعاء له خاصة والتضرع إلى الله حتى يخلصه منه أخاف أن يبتليه الله فى نفسه بتلك المعايب.
وقال سهل: من سلم من الظن سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبة سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان.
وقال أبو طالب المكي: وسوء الظن ما ظننته من سوء رأيك فيه، أو لأجل حقد في نفسك عليه، أو لسوء نية تكون أو خبث حال فيك، تعرفها من نفسك فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم).
قال تعالى:{ إن بعض الظن إثم } قيل المعنى : اجتنبوا اجتنابا كثيرا من الظن ، وتحرزوا منه ، إن بعض الظن إثم ، وأولى كثيره ، والإثم : الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب ، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : « إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث » ، فالواجب ألا يعتمد على مجرد الظن ، فيعمل به ، أو يتكلم بحسبه .لأن الظن هو السبب فيما تقدم وعليه تبنى القبائح، ومنه يظهر العدو المكاشح والقائل إذا أوقف أموره على اليقين فقلما يتيقن في أحد عيباً فيلمزه به، فإن الفعل في الصورة قد يكون قبيحاً وفي نفس الأمر لا يكون كذلك، لجواز أن يكون فاعله ساهياً أو يكون الرائي مخطئاً، وقوله { كَثِيراً } إخراج للظنون التي عليها تبنى الخيرات قال النبي صلى الله عليه وسلم " ظنوا بالمؤمن خيراً " وبالجملة كل أمر لا يكون بناؤه على اليقين، فالظن فيه غير مجتنب مثاله حكم الحاكم على قول الشهود وبراءة الذمة عند عدم الشهود إلى غير ذلك فقوله { ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً } وقوله تعالى: { إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ } إشارة إلى الأخذ بالأحوط كما أن الطريق المخوفة لا يتفق كل مرة فيه قاطع طريق، لكنك لا تسلك لاتفاق ذلك فيه مرة ومرتين، إلا إذا تعين فتسلكه مع رفقة كذلك الظن ينبغي بعد اجتهاد تام ووثوق بالغ.
قال ابن عطية : وما زال أولو العزم يحترسون من سوء الظن ، ويجتنبون ذرائعه . قال النووي :"واعلم أن سوء الظن حرام مثل القول ، فكما يحرم أن تحدث غيرك بمساوئ إنسان؛ يحرم أن تحدث نفسك بذلك ، وتسيء الظن به ، والمراد : عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء ، فأما الخواطر ، وحديث النفس ، إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه ، فمعفو عنه باتفاق؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه ". وقال في التمهيد : وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « حرم الله من المؤمن : دمه وماله وعرضه ، وألا يظن به إلا الخير » وفي الحديث أيضا : « خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير ، حسن الظن بالله ، وحسن الظن بعباد الله ، وخصلتان ليس فوقهما شيء من الشر : سوء الظن بالله ، وسوء الظن بعباد الله » .
وقد بين الله سبحانه ان اكثر الظنون يؤول الى الفساد وانها عينها ماثمة لانها من قبل النفس الامارة التى ليس لها النظر الى العيوب فتهيم فى المخائيل الشيطانية وذلك ان الشيطان يلقى فيها عيب المؤمنين ويهيجها بظنون مختلفة .
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، لا تقربوا كثيراً من الظنّ بالمؤمنين، وذلك أن تظنوا سوءاً، فإن الظانّ غير محقّ، وقال جلّ ثناؤه: { اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنّ } ولم يقل: الظنّ كله، إذ كان قد أذِن للمؤمنين أن يظنّ بعضهم ببعض الخير، فقال: { لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمنُونَ وَالمُؤْمِناتُ بُأنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هَذَا إفْكٌ مُبِينٌ } فأذن الله جلّ ثناؤه للمؤمنين أن يظنّ بعضهم ببعض الخير وأن يقولوه، وإن لم يكونوا من قيله فيهم على يقين. وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثني أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ } يقول: نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن شرّاً.

يقول ابن عجيبة: من نظر الناس بعين الجمع عذرهم فيما يصدر منهم ، وحسن الظن فيما لم يصدر منهم ، وعظم الجميع ، ومن نظرهم بعين الفرق طال خصمه معهم فيما فعلوا ، وساء ظنه بهم فيما لم يفعلوا ، وصغرهم حيث لم ير منهم ما لا يعجبه ، فالسلامة : النظر إليهم بعين الجمع ، وإقامة الحقوق عليهم في مقام الفرق ، قياما بالحكمة في عين القدرة . وفي الحديث : " ثلاثة دبت لهذه الأمة : الظن ، والطيرة ، والحسد ، قيل : فما النجاة؟ قال : إذا ظننت فلا تحقق ، وإذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ "... أو كما قال عليه السلام .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية