الإشارة : لا يشترط في الولي ظهور الكرامة، وإنما يشترط فيه كمال الاستقامة، ولا يشترط فيه أيضا هداية الخلق على يديه إذ لم يكن ذلك للنبي فكيف يكون للولي؟ قال تعالى: أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وقد سرى في طبع العوام ما سرى في طبع الكفار، قالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا الآية.
فكثير من العوام لا يقرون الولي حتى يروا له آية أو كرامة، مع أن الولي كلما رسخت قدمه في المعرفة قل ظهور الكرامة على يديه لأن الكرامة إنما هي معونة وتأييد وزيادة إيقان. والجبل الراسي لا يحتاج إلى عماد.
والحق هو ما قاله الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: (وإنهما كرامتان جامعتان محيطتان: كرامة الإيمان بمزيد الإيقان على نعت الشهود والعيان، وكرامة العمل على السنة والمتابعة، ومجانبة الدعاوى والمخادعة، فمن أعطيهما ثم اشتاق إلى غيرهما فهو مفتر كذاب، أو ذو خطأ في العلم والفهم، كمن أكرم بشهود الملك على نعت الرضى والكرامة، ثم جعل يشتاق إلى سياسة الدواب وخلع الرضا) أو كما قال رضي الله عنه.
وقال شيخنا رضي الله عنه: (الكرامة الحقيقية هي الأخلاق النبوية والعلوم اللدنية) . فمن أنكر أولياء أهل زمانه وطلب منهم الدليل غير ما تقدم فقد ضل سواء السبيل، وبقي مربوطا في سجن البرهان والدليل. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
تفسير ابن عجيبة
تفسير ابن عجيبة