التصوف
- قال الجنيد: "الطرق كلها مسدودةٌ على الخلق، إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبع سنته، ولزم طريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه".
- وقال الجنيد: "من لم يحفظ القرآن, ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر؛ لأن علمنا هذا مقيّد بالكتاب والسنة".
- قال الجنيد : "علمنا مضبوطٌ: الكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث، ولم يتفقه لا يقتدى به". - يقول الجنيد : " ما أخذنا التصوف عن القال والقيل ، لكن عن الجوع وترك الدنيا ، وقطع المألوفات ، والمستحسنات ؛ لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله ، وأصله العزوف عن الدنيا ، كما قال حارثة : عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري " .التوحيد
- سئل الجنيد عن أول مقام التوحيد فقال: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأنك تراه".
التعليق:
- قال الجنيد: "التوحيدُ إفرادُ القدمِ من الحدث".
- وقال الجنيد: "التوحيد: علمك وإقرارك بأن الله فرد في أزليته، لا ثاني معه، ولا شيء يفعل فعله".
- وسُئل الجنيد عن التوحيد فقال:
"إفراد الموحَّد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته: أنه الواحد، الذي لم يلد، ولم يولد، بنفي الأضداد، والأنداد، والأشباه، بلا تشبيه، ولا تكييف، ولا تصوير، ولا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)".
- وقال الجنيد: "سئل بعض العلماء عن التوحيد فقال: هو اليقين. فقال السائل: بيّن لي ما هو؟ فقال: هو معرفتك أن حركات الخلق وسكونهم فعلُ الله وحده لا شريك له، فإذا فعلت ذلك فقد وحَّدته".
- وقال الجنيد: "متى يتصلُ من لا شبيهَ له ولا نظير له بمن له شبيهٌ ونظير؟ هيهاتْ، هذا ظنٌ عجيب إلا بما لَطَفَ اللطيف من حيث لا دَرْك ولا وهْم، ولا إحاطة إلا إشارةُ اليقين وتحقيق الإيمان".
- وحُكي عن الجنيد أنه قال: "أشرف كلمة في التوحيد قول أبي بكر: سبحانه لم يجعل للخلق طريقاً إلى معرفته إلا العجز عن معرفته".
- قال الجنيد:"إن أول ما يحتاج إليه من عقد الحكمة تعريف المصنوع صانعه، والمحدث كيف كان أحدثه، وكيف كان أوله،وكيف أحدث بعد موته، فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، فيعرف المربوب ربه، والمصنوع صانعه، والعبد الضعيف سيده، فيعبده ويوحده، ويعظمه ويذل لدعوته، ويعترف بوجوب طاعته، فإن لم يعرف مالكه لم يعترف بالملك لمن استوجبه، ولم يضف الخلق في تدبير إلى وليّه، والتوحيد علمك وإقرارك بالله فردٌ في أوليته وأزليته، لا ثاني معه، ولا شيء يفعل فعله، وأفعاله التي أخلصها لنفسه: أن يعلم أن ليس شيء يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع ولا يسقم ولا يبرى، ولا يرفع ولا يضع، ولا يخلق ولا يرزق، ولا يميت ولا يحيي، ولا يسكن ولا يحرك غيره جل جلاله".
- وقال الجنيد :-"التوكل عمل القلب ، والتوحيد قول القلب".
- وقال الجنيد في موضع آخر وسئل عن المعرفة فقال: "... وأعلم خلقه به أشدهم إقراراً بالعجز عن إدراك عظمته، أو تكشف ذاته لمعرفتهم بعجزهم عن إدراك من لا شيء مثله، إذ هو القديم وما سواه محدث، وإذ هو الأزلي وغيره المبدأ، وإذ هو الإله وما سواه مألوه... وكل عالم فبعلمه عَلِمَ. سبحانه الأول بغير بداية، والباقي إلى غير نهاية، ولا يستحق هذا الوصف غيره، ولا يليق بسواه... فالشاهد على أدناها – أي المعرفة – الإقرار بتوحيد الله، وخلع الأنداد من دونه، والتصديق به وبكتابه وفرضه فيه ونهيه".
- قال أبو محمد الجريري: "سمعت الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة فقال الرجل: أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله. فقال الجنيد: إن هذا قولُ قومٍ تكلموا بإسقاط الأعمال، وهذه عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا...".
الصدق
- حقيقة الصدق أن تصدق في مواطن لا ينجيك منها إلا الكذب.
- المريد الصادق :لا يسأل ولا يعارض وإن عورض سكت.
الإخلاص
- يقول الجنيد : سر بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله.
الحياء
- يقول الجنيد : حال يولد من بين رؤية الآلاء، ورؤية التقصير.
المراقبة
- يقول الجنيد : من تحقق من المراقبة خاف على فوت حظه من ربه عز وجل، وليس غيره .
المحبة
- سئل الجنيد عن المحبة : أمن صفات الذات أم من صفات الأفعال ؟ فقال : " إن محبة الله لها تأثير في محبوبه بين ، فالمحبة نفسها من صفات الذات ، ولم يزل الله تعالى محبا لأوليائه وأصفيائه ، فأما تأثيرها فيمن أثرت فيه فإن ذلك من صفات الأفعال ، فاعلم أرشدك الله للصواب " .
- يقول الجنيد : " حرم الله المحبة على صاحب العلاقة " .
- "علامة كمال الحب دوام ذكره في القلب، بالفرح، والسرور، والشوق إليه، والأنس به، وأثرة محبة الله على محبة نفسه، والرضا بكل ما يصنع. وعلامة أنسه بالله استلذاذ الخلوة، وحلاوة المناجاة، واستفراغ العقل كله حتى لا يكاد يعقل الدنيا وما فيها، ولا يحمل هذا على الأنس بالخلق، فيرتب على مدارج العقول، كما لا يحمل المحبة على محبة الخلق، فيكون بمعاني العقول، لأنه حال منها، أو إنما هو طمأنينة وسكون إليه، ووجد حلاوة منه، واستراحة وروح بما أوجدهم".
- سئل الجنيد رحمه الله تعالى عن المحبة، فقال: "الناس في محبة الله خاص وعام. فالعوام نالوا ذلك بمعرفتهم في دوام إحسانه وكثرة نعمه، فلم يتمالكوا أن أرضوه، إلا أنهم تقل محبتهم وتكثر على قدر النعم والإحسان. فأما الخاصة فنالوا المحبة بعظم القدر والقدرة، والعلم والحكمة، والتفرد بالملك، فلما عرفوا صفاته الكاملة وأسماءه الحسنى لم يمتنعوا أن أحبوه، إذ استحق عندهم المحبة بذلك؛ لأنهم أهل لها، ولو أزال عنهم جميع النعم".
- وكان الجنيد يقول: "من علامة المحب في المكاره والأسقام هيجان المحبة، وذكرها عند نزول البلاء، إذ هو لطف من مولاه، وفيه القربة إلى محبوبه، وقلة التأدي بكل داء وبلاء يصيبه؛ لغلبة الحب على قلبه".
- قال أبو عمرو الزجاجي: "سألت الجنيد عن المحبة، فقال: تريد الإشارة؟ قلت: لا، قال: تريد الدعوى؟ قلت: لا. قال: فأيش تريد؟ قلت: عين المحبة. فقال: أن تحب ما يحب اللهُ تعالى في عباده، وتكره ما يكره الله تعالى في عباده".
- قال رجل للجنيد: "على ماذا يتأسف المحب من أوقاته؟ قال: على زمان بَسْطٍ أورث قبضا، أو زمان أُنْس أورث وحشة. ثم أنشأ يقول: قد كان لي مشرب يصفو برؤيتكم فكدرته يد الأنام حين صفا".
- قال الجنيد رحمه الله تعالى: "علم الفقير إذا قوي ضعفت محبته، وإذا ضعف قويت محبته، وحكم الفقير أن يكون فوق محبته...".
- حكي عن الجنيد رحمه الله أنه كان يقول: "ذكرت المحبة بين يدي سري السقطي رحمه الله فضرب يده على جلد ذراعه فمدها ثم قال: لو قلتُ إنما جفّ هذا على هذا من المحبة لصدقتُ، قال: ثم أغمي عليه حتى غاب، ثم تورّد وجهه حتى صار مثل دارة القمر، فما استطعنا أن ننظر إليه من حُسنه حتى غطينا وجهه".
القناعة
قيل للجنيد : ما القناعة ؟ قال : " ألا تتجاوز إرادتك ما هو لك في وقتك " .
التوبة
يقول الجنيد : " دخلت يوما على سري السقطي فرأيت عليه هما فقلت : أيها الشيخ أرى عليك هما فقال : الساعة دق علي داق الباب فقلت : ادخل ، فدخل علي شاب في حدود الإرادة فسألني عن معنى التوبة ، فأخبرته وسألني عن شرط التوبة ، فأنبأته فقال : هذا معنى التوبة وهذا شرطها ، فما حقيقتها ؟ فقلت : حقيقة التوبة عندكم أن لا تنسى ما من أجله كانت التوبة ، فقال : ليس هو كذلك عندنا ، فقلت له : فما حقيقة التوبة عندكم ؟ فقال : حقيقة التوبة ألا تذكر ما من أجله كانت التوبة ، وأنا أفكر في كلامه ، قال الجنيد : فقلت : ما أحسن ما قال ، قال : فقال لي : يا جنيد ، وما معنى هذا الكلام ؟ فقال : يا أستاذ إذا كنت معك في حال الجفاء ، ونقلتني من حال الجفاء إلى حال الصفاء فذكري للجفاء في حال الصفاء غفلة ، قال : ودخلت عليه يوما آخر فرأيت عليه هما فقلت : أيها الشيخ أراك مشغول القلب ، فقال : أمس كنت في الجامع ، فوقف علي شاب وقال لي : أيها الشيخ ، يعلم العبد أن الله تعالى قد قبله ؟ فقلت : لا يعلم ، فقال : بلى يعلم ، وقال لي ثانيا : بلى يعلم ، فقلت له : فمن أين يعلم ؟ قال : إذا رأيت الله عز وجل قد عصمني من كل معصية ، ووفقني لكل طاعة علمت أن الله تبارك وتعالى قد قبلني " .
متفرقات
- يقول : " لا تكون عبد الله بالكلية حتى لا تبقي عليك من غير الله بقية " .
- يقول : " لا تكون عبد الله حقا وأنت لشيء سواه مسترقا " .
- قال الجنيد : " إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال ، وهذه عندي عظيمة والذي يسرق ويزني أحسن حالا من الذي يقول هذا وإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله ، وإليه رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إلا أن يحال بي دونها وإنه لأوكد في معرفتي وأقوى في حالي " .
- قال الجنيد : " لو أقبل صادق على الله ألف ألف سنة ، ثم أعرض عنه لحظة كان ما فاته أكثر مما ناله ".
- يقول الجنيد : " اعلم أنه إذا عظمت فيك المعرفة بالله وامتلأ من ذلك قلبك ، وانشرح بالانقطاع إليه صدرك ، وصفا لذكره فؤادك ، واتصل بالله فهمك ، ذهبت آثارك وامتحيت رسومك ، واستضاءت بالله علومك فعند ذلك يبدو لك علم الحق " .
- يقول الجنيد : " المريد الصادق غني عن علوم العلماء ، يعمل على بيان يرى وجه الحق من وجوه الحق ، ويتوقى وجوه الشر من وجوه الشر " .