آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تعريف الولاية عند الصوفية

يعرف القاشاني الولي بأنه : من تولى الله أمره وحفظه من العصيان، ولم يخله ونفسه بالخذلان، حتى يبلغه في الكمال مبلغ الرجال، قال الله سبحانه وتعالى: " وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " (1) .

الولاية : هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه، وذلك بتولي الحق إياه حتى يبلغه غاية مقام القرب والتمكن (2).
أما الولاية عند الجرجاني، فهي : من الولي بمعنى القرب، فهي القرابة الحكمية الحاصلة من العتق، أو من الموالاة .
والولاية في الشرع: تنفيذ القول على الغير، شاء الغير أو أبى .
أما الولي فيعرفه قائلاً : " الولي فعيل بمعنى الفاعل، وهو من توالت طاعته من غير أن يتخللها عصيان، أو بمعنى المفعول، فهو من يتوالى عليه إحسان الله وأفضاله، والولي هو العارف بالله وصفاته، بحسب ما يمكن، المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصي، المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات" (3).
ويعرف الإمام الشوكاني الولي، فيقول: " قوله : من عادى لي وليًّا . قال في الصحاح : والولي ضد العدو.
والولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والتقرب كما ذكره أهل اللغة، وأصل العداوة البغض والبعد. قال ابن حجر في فتح الباري : المراد بولي الله العالم بالله تعالى المواظب على طاعته، المخلص في عبادته. 
وهذا التفسير للولي ، هو المناسب لمعنى الولي المضاف إلى الرب سبحانه وتعالى، ويدل على ذلك ما في الآيات القرآنية، كقوله سبحانه : " أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (4).يقول ابن كثير في تفسيرها : " يخبر الله تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرها ربهم، فكل من كان تقيًّا كان لله وليًّا... "(5) .
ويقول القرطبي : " أي من تولاه الله تعالى وتولى حفظه وحياطته ورضى الله عنه، فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن ... " (6). وكقوله عز وجل : " اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ"(7) (8) .
ويؤكد ابن تيمية، فيقول : " الولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد، وقد قيل : إن الولي سمي وليًّا من موالاته الطاعات ، أي متابعته لها، والأول أصح، والولي القريب فيقال : هذا يلي هذا أي يقرب منه ..." (9).
فالولاية إذن أثر لمجموع أمرين؛ رعاية إلهية تحيط بالعبد، فلا تكله إلى نفسه لحظة، ويترتب على هذه الرعاية أن لا يقصر في حق من حقوق الله، ورعاية من العبد لواجباته، وأداء الطاعات المطلوبة منه، ولا يمكن أن يصل إلى مرتبة الولاية إذا أهمل أو قصَّر في هذه الرعاية (10)).
ولا خلاف إذن بين التعريفات السابقة على أن الولاية تقوم على المحبة والقرب، والولي هو من يواظب على طاعة الله، ويخلص في عبادته في كل وقت وفي كل مكان.

**    **   **
هوامش :

(1) سورة الأعراف : الآية 196 .
(2) القاشاني: اصطلاحات الصوفية، ص 54 .
(3) الجرجاني: التعريفات، ص 329 .
(4) سورة يونس : الآيات 62 – 64 .
(5) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 2: 422- 423 .
(6) تفسير القرطبي، 5: 50 .
(7) سورة البقرة : الآية 257 .
(8) الشوكاني : قطر الولي على حديث الولي، ص 223- 224 ، 1969م، تحقيق د/ إبراهيم إبراهيم هلال، دار الكتب الحديثة بمصر .
(9) ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ص 6، مطبعة الأنوار المحمدية القاهرة .
(10) د/ عبد الفتاح عبد الله بركة، الحكيم الترمذي ونظريته في الولاية، 2/ 66، من مطبوعات مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة، بدون تاريخ .

المصدر: رسالة دكتوراه-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية