يعرف القاشاني الولي بأنه : من تولى الله أمره وحفظه من العصيان، ولم يخله ونفسه بالخذلان، حتى يبلغه في الكمال مبلغ الرجال، قال الله سبحانه وتعالى: " وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " (1) .
الولاية : هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه، وذلك بتولي الحق إياه حتى يبلغه غاية مقام القرب والتمكن (2).
أما الولاية عند الجرجاني، فهي : من الولي بمعنى القرب، فهي القرابة الحكمية الحاصلة من العتق، أو من الموالاة .
والولاية في الشرع: تنفيذ القول على الغير، شاء الغير أو أبى .
ويعرف الإمام الشوكاني الولي، فيقول: " قوله : من عادى لي وليًّا . قال في الصحاح : والولي ضد العدو.
والولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والتقرب كما ذكره أهل اللغة، وأصل العداوة البغض والبعد. قال ابن حجر في فتح الباري : المراد بولي الله العالم بالله تعالى المواظب على طاعته، المخلص في عبادته.
وهذا التفسير للولي ، هو المناسب لمعنى الولي المضاف إلى الرب سبحانه وتعالى، ويدل على ذلك ما في الآيات القرآنية، كقوله سبحانه : " أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (4).يقول ابن كثير في تفسيرها : " يخبر الله تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرها ربهم، فكل من كان تقيًّا كان لله وليًّا... "(5) .
ويقول القرطبي : " أي من تولاه الله تعالى وتولى حفظه وحياطته ورضى الله عنه، فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن ... " (6). وكقوله عز وجل : " اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ"(7) (8) .
ولا خلاف إذن بين التعريفات السابقة على أن الولاية تقوم على المحبة والقرب، والولي هو من يواظب على طاعة الله، ويخلص في عبادته في كل وقت وفي كل مكان.
** ** **
هوامش :(1) سورة الأعراف : الآية 196 .
(2) القاشاني: اصطلاحات الصوفية، ص 54 .
(3) الجرجاني: التعريفات، ص 329 .
(4) سورة يونس : الآيات 62 – 64 .
(5) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 2: 422- 423 .
(6) تفسير القرطبي، 5: 50 .
(7) سورة البقرة : الآية 257 .
(8) الشوكاني : قطر الولي على حديث الولي، ص 223- 224 ، 1969م، تحقيق د/ إبراهيم إبراهيم هلال، دار الكتب الحديثة بمصر .
(9) ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ص 6، مطبعة الأنوار المحمدية القاهرة .
(10) د/ عبد الفتاح عبد الله بركة، الحكيم الترمذي ونظريته في الولاية، 2/ 66، من مطبوعات مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة، بدون تاريخ .
المصدر: رسالة دكتوراه-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة
بارك الله فيكم وعظم أجركم
ردحذف