آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحب و محبة الله عند الصوفية

الحب و محبة الله عند الصوفية

الحب - المحبة
في اللغة
" حبَّ الشيء أو الشخص : وده أو مال إليه …
الحب الإلهي : بهجة وليدة كمال معرفة الله يشعر بها العارفون من المتصوفة " .
في القرآن الكريم
قال تعالى :" فسَوْفَ يَأْتي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلى الْمُؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلى الْكافِرينَ " .
في السنة
عن أبي هريرة {رضى الله عنه} عن النبي قال : "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض " .
في الاصطلاح الصوفي
الشيخ إبراهيم بن أدهم
يقول : " المحبة : إيثار المحبوب على جميع المصحوب ، فيكون محبوبه مؤنسه في خلوته ، وعوضاً من جميع راحاته " .
ويقول : " المحبة : الميل الدائم بالقلب الهائم . فهو كما قيل : المحبة رق الأبد في حياة إلى غير أمد " .
الشيخ داود الطائي
يقول : " المحبة : هي دوام ذكر المحبوب " .
السيدة رابعة العدوية
تقول : " المحبة : نار تنضج الجماد ، فكيف الفؤاد ، فإن رأيتها لم تنضج ، فهي دعوى لا حقيقة ".
وتقول : " المحبة : موافقة الحبيب في المشهد والمغيب".
الشيخ حاتم الأصم
يقول : " المحبة : التزام طاعة المحبوب ، مع شدة الخوف من فوات المطلوب ".
الشيخ أحمد بن عاصم الأنطاكي
يقول : " المحبة : أن لا يسبقك أحد إلى رضى محبوبك ، ولا يشاركك أحد في المجاهدة لتحصيل مطلوبك " .
الشيخ أحمد بن أبي الحواري
يقول : " المحبة : دوام ذكر المحبوب على اختلاف أحوال المطلوب ، ثم تلا قوله تعالى : ( الَّذينَ يَذْكُرونَ اللَّهَ قياماً وَقُعوداً وَعَلى جُنوبِهِمْ) " .
ويقول : " المحبة : ترك إرادات المحب لإرادات المحبوب ".
الشيخ الحارث المحاسبي
يقول : " المحبة : هي ميلك إلى المحبوب بكليتك ، ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك ، ثم موافقتك له سراً وجهراً ، ثم عملك بتقصيرك في حبه " .
الشيخ ذو النون المصري
المحبة : "هي أن تحب ما أحب الله ، وتبغض ما أبغضه الله تعالى ، وتفعل الخير كله ، وترفض كل ما يشغل عن الله ، وأن لا تخاف في الله لومة لائم ، مع العطف للمؤمنين والغلظة للكافرين واتباع رسول الله في الدين" .
ويقول : " المحبة : هي جوى في الفؤاد ، يقطع علائق الأكباد ، ويحرم الأجفان لذيذ الرقاد ، خشية الهجر والبعاد ".
ويقول : " المحبة : لهيب يقع في الفؤاد من المراد ، فإن باح به استحق المجازاة بالبعاد ، وإن سكت كان فيها تلاف الأرواح والأجساد ".
الشيخ السري السقطي
يقول : " المحبة : تيسير العسير ، وتعسير اليسير ، وغربة في الأوطان ، ووحشة من الخلان " .
ويقول : " المحبة : هي استقلال الكثير من نفسك ، واستكثار القليل من حبيبك ".
و يقول : " المحبة : فتنة تقع في الفؤاد من المراد ، فيذهب الفؤاد ويبقى المراد " .
ويقول : " المحبة : ارتياح القلب بوجود المحبوب ، وذهاب كلية المحبوب ظاهراً وباطناً في ذكر المطلوب " .
يقول : " المحبة : أن لا ترى الإحسان إلا من محبوبك ، ولا تطيع إلا لمطلوبك ، ولهذا قال : ( جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ) ، فمن لا يرى محسناً إلا الله كيف لا يميل بالكلية إليه ؟ والمحب يتعلل بالوصل من محبوبه بكل شيء ، ولا يتسلى عنه بشيء ويتبع آثاره ولا يدع استخباره ، فينسب كل خير إليه ، ويتوكل في سائر أحواله عليه " .
يقول : " الحب : هو الاقتداء بسنة النبي " .
ويقول : " المحبة : الوفاء بالعهود ، والإقامة على رضا الحبيب " .
ويقول : " المحبة : هي أن تمحو أثرك ، فلا يأتي فيه إلا أثر الحبيب ، فلا تبصر سواه ، ولا تسمع من سواه ، ولا تطيع سواه ، وكأنه يبصر ببصر الحبيب ويحيى بحياته ، ولهذا أخبر عن الله تعالى : ( فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً) ".
يقول : " المحبة : هي محو الإرادة ، واحتراق جملة الصفات البشرية وحاجاتها ".
يقول : " المحبة : بذل المجهود ، والحبيب يفعل ما يشاء ، إن شاء وصل ، وإن شاء هجر ، وإن شاء أبلى ، وإن شاء أعطى ، فليس المحبة إلا الصبر ".
ويقول : " المحبة : أن لا تحس في الخاطر إلا المحبوب ، وأن يرى الخير في جميع ما تصرف فيه محبوبه بلا اعتراض ".
ويقول : " المحبة : كتمان الوجد بدوام الود ، وتذكار العهد بمجاهدة الجد ، ومحاسبة النفس مع الساعات ، وحفظ الوقت مع اللحظات ، والمبادرة بالعمل مع تحقق الأجل وقصر الأمل وكتمان الأحوال مع صفاء البال ".
يقول : " المحبة : أن تحب ما يحبه المحبوب ولو كان فيه الموت ".
ويقول : " المحبة : استيلاء ذكر المحبوب على جميع قلب المحب ، واستغراق كلية المحب ، ولو في بعض رضا المحبوب ، وهو أن يغلب أمر المحبوب على قلبه حتى لا يحس بما بدا منه ، فلا العتاب ينفع ولا العذل ينجع ".
ويقول : " المحبة : إفراط الميل بلا نيل ، وبذل الكلية للمحبوب من غير شرط الجزاء ، لأن كل محبة تكون لغرض تزول بزوال ذلك الغرض ، فيجب على المحب أن يرى تعذيب محبوبه تهذيباً ، وتأديبه تشريفاً ".
يقول : " المحبة : ذكر السبب ، واشتهار الطرب ، والمجاهدة في الطلب مع امتثال أوامر المحبوب ".
ويقول : " المحبة : الشرف بالمحبوب ، ولهذا ذهب محبوا الله تعالى بشرف الدنيا والآخرة ، لقوله : ( المرء مع من أحب) ... فإن محبي الجنة بجنتهم ، ومحبي الدنيا بدنياهم ، ومحبي الحق بقوا مع حقهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ".
يقول : " المحبة : الوطء على جمر الغضا ، وإتلاف النفس في طلب الرضا ، والانقياد لحتوم القضا ، واستدراك ما هو آت عما مضى ".
يقول : " المحبة : الموافقة في جميع الأمور ، والصبر على ترك الشكوى ، والرضا واستلذاذ البلوى ، واليقين بحقيق الشهادة ".
يقول : " المحبة : صفة سرمدية وعناية أبدية ، فلولا العناية السرمدية ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، فاطرح مقاليدك إلى محبوبك ، فإن من لاحظ الأعمال حجب عن مقصوده ، ومن لاحظ مقصوده حجب عن الأعمال . وإنما هذه ألسن مستنطقات وأنفس مستعملات ، فمن كانت العناية السرمدية مصروفة إليه استنطقته بحقيقة حقائق الحق ، واستعملته على بساط سريرة سرائر السر سرمداً في سرمد" .
ويقول : " المحبة : لباب الأشياء ، ولا تسكن إلا في لباب القلوب ، والإخلاص هو لباب اللباب ".
ويقول : " المحبة : حال تستولي على المحب فلا يشاهد غير المحبوب ، فإذا صدقت هذه الحالة تلاشت أوصاف المحب وبقيت أوصاف المحبوب . فإن المحب إذا أخلص في المحبة عصم قلبه وأوحي إلى خاطره وحرس سره أن يهجس فيه غير محبوبه ، فإن من راقب الحق عند خطرات قلبه عصمه عند حركات جوارحه ".
يقول : " المحبة : هي اتباع أوامر المحبوب ، واجتناب نواهيه ، مع لزوم الصدق والإخلاص ، وكتمان الحال ، وبذل الروح في المجاهدة ، ثم مع ذلك لا يصل إلى المحبوب إلا بفضل الله وبرحمته : ( فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعونَ ) ".
ويقول : " المحبة : تقطع القلوب بالكروب طمعاً في مشاهدة المحبوب ".
يقول : " المحبة : هي أن تغار على المحبوب أن يحبه مثلك ".
ويقول : " المحبة : شراب صافي لا يشربه إلا رجل وافي ".
ويقول : " المحبة : فناء الأبد ، وإن شئت قلت بقاء الأبد " .
ويقول : " المحبة : السرور بما يسر المحبوب ، والموافقة لما يوافق المحبوب ".
ويقول : " المحبة : بحر بلا شاطئ وليل بلا آخر ، وهم بلا فرح ، وعلة بلا طبيب ، وبلاء بلا صبر ، وأياس بلا رجاء ".
يقول : " المحبة : هي تعلق القلب بين الهمة والأنس ، في البذل والمنع ، على الإفراد .
والمحبة أول أودية الفناء والعقبة التي ينحدر منها على منازل المحو ، وهي آخر منزل تلقى فيه مقدمة العامة ساقة الخاصة وما دونها أغراض لأعواض . والمحبة هي سمة الطائفة ، وعنوان الطريقة ، ومعقد النسبة "".
يقول : " المحبة لله : هي الغاية القصوى من المقامات ، والذروة العليا من الدرجات ، فما بعد إدراك المحبة مقام ".
الشيخ أبو النجيب عبد القاهر السهروردي
يقول : " المحبة : هي موافقة المحبوب في محبوبه ومكروهه ".
يقول : " المحبة : هي حالة تصطلم ولا تنصرم ، تأتي بغتة وتغب غبة ، تجلب الغيرة وتورث الحيرة ".
ويقول : " المحبة : موهبة غير معللة بالتزكية ".
الحب : هو ما استخرج من محض الحياة والبقاء .
ويقول : " الحب : هي صفة الوجود الموجود دوماً في الوجود إلا الله ... فلا محب ولا محبوب إلا الله ـ عز وجل ـ ، فما في الوجود إلا الحضرة الإلهية ، وهي ذاته وصفاته وأفعاله ".
ويقول : " الحب : هو نفس المحب وعينه ، لا صفة معنى فيه يمكن أن ترتفع فيرتفع حكمها . فالعلاقة هي النسبة بين المحب والمحبوب ، والحب هو عين المحب لا غيره ، فصف بالحب من شئت من حادث وغيره ، فليس الحب سوى عين المحب ، فما في الوجود إلا محب ومحبوب ".
يقول : " المحبة : هي أخذة من الله لقلب عبده عن كل شيء سواه ، فترى النفس مائلة لطاعته ، والعقل متحصناً بمعرفته ، والروح مأخوذة في حضرته ، والسر مغموراً في مشاهدته ".
ويقول : " المحبة : هي سر في القلب من المحبوب إذا ثبت ، قَطَعَكَ عن كل مصحوب ".

     المحبة هي الطريقة التي من خلالها تتلاشى المسافات غير الحسية المعبر عنها بالحجب بين العبد وربه لا ،وهي الطريقة التي تجعل العابد ينتقل من الحضور مع العبادة إلى الحضور مع المعبود فيعبد الله كأنه يراه ، ثم توصله إلى مرتبة فناء العابد في المعبود ، حيث يذوب بنور المحبة ، فلا يبقى منه لنفسه شيء ، فيذهب المحب الفاني وتتجلى فيه أنوار المحبوب الباقي ، أي يفنى عن نفسه ويبقى بربه .

     في الطريقة القادرية البودشيشية  الذكر هو الحجر الأساس الذي يوصل إلى محبة الله ،ولهذا جاء منهج الطريقة بأعداد كبيرة جداً من الأذكار والأوراد المأذون بها لمريدي الطريقة ، لأنها بالنسبة لهم الوسيلة التي يبتغون من ورائها الحصول على المحبة ،

فبداية الطريق تكون بالذكر الكثير الدائم ، وذلك لأنه يجلو القلب بل يجلو الجوانح والجوارح كلها ويجعلها مستعدة لاستفاضة الإشعاعات النورانية للمحبة ، ولا يزال المريد يتقرب بذكر الله حتى تغمره تلك الإشعاعات على قدر ذكره وصفائه ، وعلى قدر قابليته واستعداده ، 

إنها أنوار غير منفصلة عن مصدرها تمد من تنزل فيه بحلاوتها فتجعله يشعر بالقرب الروحي من نور السماوات والأرض ، بل وتجعله يلمس ذلك ويتذوقه ، ويرى من خلالها رأي العين الكثير من الحقائق الغيبية التي لا يراها ولا يشعر بها ولا يطلع عليها 

إلا المحبين خاصة .


      هذا النور حين يملأ فؤاد المحب وكيانه يجذبه بشدة إلى محبوبه ، فترفع عن كاهله ثقل المشقة في العبادة وعن قلبه ثقل الرين والحجب . إذ أن المحب لا يطيع طمعاً في النعيم ولا خوفاً من الجحيم ، وإنما المحبة وحدها هي التي تحمله بذاتها على طاعة المحبوب ، ومهما كان في تلك الطاعة من ثقل أو مشقة ، فإنما هي عند المحب لذة ومتعة وقربة ، فوصال المحبوب وحده هو نعيم المحب الذي يطمع فيه ، والانفصال عنه هو جحيمه الذي لا يخشى سواه ، والمحبة وسيلته الوحيدة للوصول والحصول ، والسبيل إليها عندنا هو الذكر الدائم والورد الكثير .

     وبعد ، فإن الذكر يوصل إلى المحبة ، والمحبة توصل إلى الطاعة الكاملة ، وإذا دخل المريد في هذه الدائرة فلا يزال في التزود والتقرب الدائمين ، فذكره يزيده محبة ، ومحبته تزيده طاعة ، وطاعته تحمله على الذكر الكثير ، ويبقى هكذا إلى أن يصبح مستعداً تمام الاستعداد إلى التحقق بالفناء في المحبوب ، وفي هذه المرتبة تصبح كل حركات العبد وسكناته وخواطره وأفكاره وإراداته ووارداته بالمحبوب ، فلا يسمع إلا به ، ولا يبصر إلا به ، ولا يعلم إلا به ، وكل شيء به  .

فالمحبة في الطريقة وسيلة للانتقال من البداية إلى النهاية ، بل على التحقيق أن المحبة هي عين الطريقة ، والطريقة عين المحبة  .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية