قاعدة 166
لا تمدحن أحدا إلا من حيث مدحه الله
قبول مدح الخلق والنفرة من ذمهم، إن أوجب خروجا عن الحق في الجانبين دل على الاستناد إليهم فيه، وذلك خروج عن الحقيقة التي هي النظر إلى الله تعالى في المدح والذم، بان لا تتجاوز الحق في مدح مادح، ولا في ذم ذام، حتى أنه لو مدحك من شأنه الذم، لاقتصرت على مقدار ما واجهك به، وما علمته من أوصافه المحمودة من غير تغرير، ولو ذمك من شأنه المدح لم يخرجك ذلك عن إقامة حقه بمدحه وهذا جار في العطاء والمنع. فلا تمدحن أحدا إلا من حيث مدحه الله، ولا تذمن أحدا، إلا من حيث ذمه الله. والله سبحانه اعلم، فافهم.
قاعدة 167
إظهار الكرامة وإخفاؤها على حسب النظر لأصلها وفرعها
إظهار الكرامة وإخفاؤها على حسب النظر لأصلها وفرعها فمن عبر من بساط إحسانه أصمتته الإساءة مع ربه، ومن عبر من بساط إحسان الله، لم يصمت إذا أساء. وقد صح: (إظهار الكرام من قوم وثبت العمل في إخفائها من قوم كالشيخ أبي العباس المرسي في الإظهار وابن أبي جمرة في الإخفاء رضي الله عنهما حتى قال بعض تلامذة ابن أبي جمرة: طريقهما مختلف. فبلغ ذلك شيخه، فقال: والله ما اختلفت قط طريقنا لكنه بسطه العلم، وأنا قبضني الورع. وهذا فصل الخطاب في بابه، والله سبحانه اعلم.
قاعدة 168
قبول تبرك الناس
ما رتب من الأحكام على ما في النفس، وما لا علم به إلا من قبل إعلام الشخص، ففقهه فيه منه بعد تحقيق حكم الأصل. ومن ذلك وجود التبرك. فمن علم من نفسه وجود التكبر والنظر لها، وعظم دعواها وتصديقها للتعظيم، تعين عليه عدم القبول. ومن غلب عليه حسن الظن باله (له) ببركة العباد المتوجهين لهو وحسن الظن بهم في أنفسهم، فله قبول ذلك في محله. ومن غلب عليه سوء الظن بنفسه، وحسن الظن بالناس أو إطلاق أمرهم فالمنع مضر به لتمكن دعواها وإيثارة شررها، وربما كان العكس فليعتبر ذلك من بلى به كأنه عروس بكر مفتضة من زنا، تنتظر الستر، فإن كان حصل الخير للجميع، وإلا فليس على أصحاب الوليمة عيب. والله اعلم.
قاعدة 169
الله يقضي للأولياء حوائج الخلق غيرة على قلوبهم من الانشغال بغيره
غيرة الحق على أوليائه من سكون غيره قلوبهم. وشغلهم بالغير عنه هو الموجب لقضاء ما تهمموا به من حوائجهم وحوائج غيرهم، حتى قيل: إن الولي إذا أراد أغنى، ومنه قول الناس له:"خاطرك" أي ليكن بالك، لعل الله أن ينظر إلي فيما أنا فيه، فيريح خاطرك مني. ومن ثم كان أكثر الأولياء في بدايتهم يسرع أثر مقاصدهم في الوجود لاشتغالهم بما يعرض، بخلاف النهاية، فإن الحقيقة مانعة من اشتغال قلوبهم، بغير مولاهم إلا من حيث أمرهم، فينتفع بهم المريدون في طلب الحق لا غيرهم كما يحكى عن الشيخ أبي مدين رحمه الله انه كان يفتح للناس على يده ويصعب عليه أقل حاجاته، وقد قيل: إنما هما اثنان، ولي وصفي.
فالولي: من يتحقق له كل ما يريد.
والصفي: من يتسلط على قلبه الرضا بما يجري، فافهم.
قاعدة 170
انفراد الحق تعالى بالكمال قاض بثبوت النقص لمن سواه
انفراد الحق تعالى بالكمال قاض بثبوت النقص لمن سواه فلا يوجد كامل إلا بتكميله تعالى، وتكميله من فضله. فالنقص أصل، والكمال عارض. وبحسب هذا، فطلب الكمال في الوجود على وجه الأصالة باطل. ومن ثم قيل: انظر للخلق بعين الكمال، واعتبر في وجودهم النقص. فإن ظهر الكمال يوما ما فهو فضل، وإلا فالأصل هو الأول، وبذلك يقع الاحتراز وحسن الظن، ودوام العشرة، وعدم المبالاة بالعثرة، وكذا معاملة الدنيا كما قال الجنيد رحمه الله، إذ قال: (أصلت أصلا، لا أتشبع بعده ما يرد علي من العالم، وهو أن الدنيا دار هم وغم وبلاء وفتنة). وأن العالم كله شر. ومن حكمه أن يتلقاني بكل ما أكره فإن تلقاني بكل ما أحب فهو فضل، وإلا فالأصل هو الأول. انتهى بمعناه وهو عجيب والله اعلم.
قاعدة 171
جواب على مسالة الغني الشاكر والفقير الصابر
الفقر والغنى وصفان وجوديان، يصح اتصاف الحق بالثاني منهما دون الأول، فلزم فضله عليه.
ثم هل تعلق العبد بوصف ربه أولى أو تحققه بوصفه أتم؟ وهي مسألة الغني الشاكر، والفقير الصابر، وللناس فيها طريقان، والحق أن كلا منهما مضمن بالآخر، فلا تفاضل، وقد اختار كلا مهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أجوع يوما وأشبع يوما) الحديث، فافهم.
قاعدة 172
من الناس من يغلب الغنى بالله فتظهر عليه الكرامات وينطق لسانه بالدعوى
من الناس من يغلب الغنى بالله، فتظهر عليه الكرامات، وينطق لسانه بالدعوى من غير احتشام ولا توقف، فيدعى بحق عن حق، لحق في حق، كالشيخ أبي محمد عبد القادر الجيلاني، وأبي يعزى وعامة متأخري الشاذلية.
ومنهم من يغلب عليه الفقر إلى الله، فيكل لسانه، ويتوقف مع جانب الورع، كابن أبي جمرة وغيره. ومن الناس من تختلف أحواله فتارة وتارة، وهو أكمل الكمال، لأنه حاله صلى الله عليه وسلم، إذا أطعم ألفا من صاع، وشد الحجر على بطنه، فافهم.
قاعدة 173
النهي عن إضاعة المال
ملك العبد لما بيده من أعراض الدنيا غير متحقق له، بل إنما هو خازن فيه لقصره عليه تصرفا وانتفاعا دون غيره. ومن ثم حرم الله الإقتار والإسراف حتى عد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنجيات: القصد في الغنى والفقر. ونهى عليه السلام عن إضاعة المال إلى غير ذلك. فمن ثم قال لنا شيخنا أبو العباس الحضرمي رضي الله عنه: ليس الشأن من يعرف كيفية تفريق الدنيا فيفرقها، إنما الشأن من يعرف كيفية إمساكها فيمسكها.
قلت: وذلك لأنها كالحية ليس الشأن في قتلها أنما الشأن في إمساكها وهي حية.
وفي الحديث: (ليس الزهد بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، إنما الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك).
وقال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه: (الدنيا جرادة ورأسها حبها، فإذا قطع رأس الجرادة حلت).
وقال الشيخ أبو محمد عبد القادر رضي الله عنه لما سئل عن الدنيا: (أخرجها من قلبك، واجعلها في يدك، فإنها لا تضرك) انتهى.
وكل هذه الجمل تدل على أن الزهد فيها ليس عين تركها. فافهم.
قاعدة 174
الزهد في الشيء برودته عن القلب
الزهد في الشيء برودته عن القلب، حتى لا يعتبر في وجوده، ولا في عدمه. فمن ثم قال الشاذلي رضي الله عنه: (والله لقد عظمتها إذ زدهت فيها). قلت: يعني بالظاهر، لأن الإعراض عنها تعظيم لها وتعظيم للمظاهر بتركها كما أشار إليها ابن العريف في مجالسه، والهروي في مقاماته.
وقد قال أيضا رضي الله عنه: رأيت الصديق في المنام فقال لي: علامة خروج حب الدنيا من القلب بذلها عند الوجد. ووجود الراحة منها عند الفقد، كحال الصحابة رضي الله عنهم، إذ لم ينظروا إليها عند الفقد، ولا شغلتهم عند الوجد: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} وقال: لا يبيعون ولا يتجرون.
وقد أدب الله تعالى الأغنياء بقوله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا). الآية.
وأدب الله الفقراء بقوله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، واسألوا الله من فضله، إن الله كان بكل شيء عليما). وذلك لا يقتضي عينا ولا وقتا فلزم التزام كل ما أمر الله به، فافهم.
قاعدة 175
ذم الدنيا أو مدحها
ما ذم لا لذاته، قد يمدح لا لذاته. ومنه وجود المال والجاه والرياسة ونحو ذلك مما ليس بمذموم لذاته، ولا محمود في ذاته، بل يحمد ويذم لما يعرضه له، ولذلك ذم صلى الله عليه وسلم الدنيا بقوله: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله)، ومدحها بقوله: (فنعمة مطية المؤمن). وأثنى سبحانه على قوم طلبوا الرياسة الدينية إذ قالوا: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
فكان ابن عمر يقول: اللهم اجعلني إماما للمتقين.
قال مالك رحمه الله: ثواب المتقين عظيم، فكيف بإمامهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (أسألك رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة).
وقال ذلك الرجل له عليه الصلاة والسلام: (دلني على عمل إن عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس). الحديث.
وقال يوسف الصديق صلى الله على نبينا وعليه وعلى جميع النبيين والمرسلين: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، إلى غير ذلك. فلزم اعتبار النسب وتحقيق المقام باحة ومنعا. والمحاشاة اقرب لسلامة الضعيف من باب ضعفه لا لخلل في ذات الحكم إذا الأصل الإباحة.
ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (انك رجل ضعيف، وانك إن طلبت الإمارة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها) فافهم.
قاعدة 176
ليس من شان الصوفي تعظيم الخلق بوجه ولا بحال
لا يباح ممنوع لدفع مكروه، ولا مباح يخشى منه دون التحقق بالوقوع في ممنوع أعظم منه، لا مندوحة عنه.
فمن ثم لا يجوز لأحد أن يجعل دفعه بمحرم. متفق عليه. ثم له في المختلف فيه مندوحة وإن خف الخلاف فيه وتعذر المكروه عليه بعد تعذر ذلك، فالمباح المستبشع كقصة لص الحمام ونحوه، لا قصة الشاهد إذ لم تقع، وإنما ذكر له الشرط اختبارا لعظمة نفسه حتى ظهر له علة منعه.
وقياس المسألة بمن غص بلقمة لا يجد لها مساغا إلا جرعة خمر، لا يصح إذ تفوته به الحياة التي ينتفع بها وجوده، فيكون قد أعان على قتل نفسه وتعطيل حياته من واجبات عمره بخلاف ذلك، فإنما يفوته به الكمال لا غير. ومقصد القوم بذلك، الفرار من نفوسهم، لا التستر من الخلق، لأن التستر منهم تعظيم لهم، فعاد الأمر عودا على بدئه، وليس من شأن الصوفي تعظيم الخلق بوجه ولا بحال، فافهم.
قاعدة 177
من أراد الظهور فهو عبد الظهور ومن أراد الخفاء فهو عبد الخفاء
إفراد القلب لله تعالى مطلوب بكل حال، فلزم نفي الرياء بالإخلاص ونفي العجب بشهود المنة، ونفي الطمع بوجود التوكل، ومدار الكل على سقوط الخلق من نظر العبد. فلذلك قال سهل بن عبد الله رضي الله عنه: (لا يبلغ العبد حقيقة من هذا الأمر حتى تسقط نفسه من عينه فلا يرى في الدارين إلا هو وربه، أو يسقط الخلق من عينه فلا يبالي بأي حال يرونه).
قلت: فلذلك ينتفي عنه كل شيء من ذلك، وإلا دخل الرياء عليه من حيث لا ينظر الخلق إليه، باستشرافه لعلم الخلق بخصوصيته.
وقد قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: من أراد الظهور، فهو عبد الظهور، ومن أراد الخفاء، فهو عبد الخفاء وعبد الله سواء عليه أظهره أو أخفاه. انتهى وهو لباب هذا الباب.
قاعدة 178
إذا صح أصل القصد فالعوارض لا تضر
إذا صح أصل القصد فالعوارض لا تضر، كما قال مالك رحمه الله في الرجل يحب أن يرى في طريق المسجد، ولا يحب أن يرى في طريق السوق. وفي الرجل يأتي المسجد، فيجد الناس قد صلوا، فيرجع معهم حياء.
وكما قال صلى الله عليه وسلم في الرجل: (يحب جمال نعله وثوبه).
ومن ثم قال سفيان الثوري رضي الله عنه: (إذا جاءك الشيطان في الصلاة فقال: انك مراء فزده طولا).
وقال الفضيل رحمه الله: (العمل لأجل الناس شرك، وترك العمل لأجل الناس رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما) انتهى.
وفي طيه أن الرياء يقع بالترك كالفعل، واشتقاقه من الرؤية، رؤية المرائي للخلق في رؤيتهم له، ولولا ذلك لما صح منه في الخلوة، ثم هو فيما قصد للعبادة لا فبما قصد به الخلق مجردا، فانه الشرك الأعظم أو قريب منه والله تعالى اعلم.
قاعدة 179
نفي الخواطر بإقامة الحجة على إبطالها يمكنها في النفس ودفعها يكون بالتلهي عنها
قصد نفي الخواطر بإقامة الحجة على إبطالها يزيدها تمكينا في النفس لسبقها وقيام صورتها في الخيال. فظهر أن دفعها إنما هو بتسليمها والتلهي عنها في أي باب كانت ومن ثم قال سفيان: (فزده طولا).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليقل الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة).
ويقال: (الشيطان كالكلب، إن اشتغلت بمقاومته مزق الإهاب، وقطع الثياب، وإن رجعت إلى ربه صرفه عنك برفق).
وقد جاءني ليلة في بعض الصلوات وقال: انك مراء، فعارضته بوجه، فلم يرجع حتى فتح الله بتسليم دعواه وطردها في كل أعمالي بحيث قلت: (إثبات الرياء في هذه إثبات للإخلاص في غيرها، وكل أعمالي معيبة وهذا غاية المقدور، فانصرف عني في ذلك الوقت ولله الحمد).
قاعدة 180
إظهار العمل وإخفاؤه عند تحقق الإخلاص مستو
إظهار العمل وإخفاؤه، عند تحقق الإخلاص مستو، وقيل وجود تحققه مقو لرؤية الخلق. وقد جاء طلبه شرعاً من غير إشعار بشيء من وجوه الإخلاص ولا الرياء، فظهر أن مراعاته لخوف التلوين، ولراحة القلب من مكابدة الإظهار في العموم، ولحسم مادة ما يعرض أثناءه.
وقيل: وتفضيل النافلة لما علل به صلى الله عليه وسلم من قوله: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم فإن الله جاعل منها في بيوتكم بركة ولا تتخذوها قبورا) والله سبحانه اعلم.
قاعدة 181
بين المداهنة والمداراة والهدية والرشوة
المداهنة: دفع الباطل والحق بالباطل المشبه للحق.
والمدارات: دفع الباطل بوجه مباح، وكذا إثبات الحق سواء كان لك أو لغيرك وقد صح أن المدارات صدقة، وقد صح: (من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له من اجلها هدية، فقد فتح على نفسه بابا عظيما من الربا). والفرق بين الهدية والرشوة، ما قصد للمودة فهو الهدية إن تجرد، وما قصد لجر نفع غير ديني، ولا في مال الشخص ونفسه، بل للإعانة فرشوة. وهذه الأربع يخفى إدراكها على حذاق العلماء في آحاد المسائل فتعين الورع فيها والله سبحانه اعلم.
قاعدة 182
الخُلق: هيئة راسخة في النفس
الخُلُق: هيئة راسخة في النفس، تنشأ عنها الأمور بسهولة فحسنها حسن وقبيحها قبيح، فهي تجري في المضادات كالبخل والسخاء والتواضع والكبر والحرص والقناعة والحقد وسلامة الصدر والحسد والتسليم والطمع والتعزز والانتصار والسماح، إلى غير ذلك فافهم.
قاعدة 183
السخي من سَهُل عليه العطاء ولو لم يعط شيئا
الأخلاق النفسانية لا تعتبر بالعوارض الخارجة إلا من حيث دلالتها عليها. وقد ظهر أن البخل ثقل العطاء على النفس، والسخاء خفته.
فالبخيل: من ثقل عليه العطاء ولو لم يبق لنفسه شيئا.
والسخي: من سهل عليه العطاء ولو لم يعط شيئا.
ومن ثم قيل: إذا تقابل العارضان فالتردد بينهما بخل.
والكبر: اعتقاد المزية وإن كان في أدنى درجات الضعة والتواضع عكسه. ولولا ذلك ما صح كون العائل مستكبرا، حتى ذم به ثم كذلك. فافهم هذا، وتتبعه من كتب الأئمة تجده مستوفى، والله سبحانه اعلم.
قاعدة 184
الطباع لا تُستأصَل ولكن تحّول
ما جبلت عليه النفوس، فلا يصح انتفاؤه عنها، بل ضعفه وقوته فيها وتحويله عن مقصد لغيره، كالطمع لتعلق القلب بما عند الله توكلا عليه ورجاء فيه.
والحرص على الدار الآخرة بدلا من الدنيا.
والبخل فيما حرم ومنع، والكبر على مستحقه، ولرفع الهمة عن المخلوقين حتى تتلاشى في همته جميع المقدورات، فضلا عن المخلوقات.
والحسد للغبطة، والغضب لله سبحانه حيث أمر.
والحقد على من لا نسبة له من الله حسب إعراضه والتعزز (على الدنيا وأهلها) والانتصار للحق عند تعينه إلى غير ذلك والله تعالى اعلم.