ينعقد ملتقانا الدولي الثاني حول التصوف والسماع الروحي في ظرف تاريخي تتطلع فيه الشعوب المسلمة إلى فجر قريب يؤذن بانفراج أزماته، واستعادة الألفة والوئام بين أبنائه، بعد أن ضلت الأفهام، وزلت الأقدام، واشتدت بنا المحن، وكادت أن تعصف بنا الفتن.
إن الزوايا والطرق الصوفية كانت دوماً وما زالت تمثل قلاعاً حصينة للإسلام وعقيدته ومعاهد لعلوم شريعته، حفظت للأمة الإسلامية أصالتها ومقومات شخصيتها، وحصنت الأجيال من عوامل المسخ والذوبان، ووقفت سداً منيعا في وجه المخططات التنصيرية، والمشاريع التغريبية.
إن تاريخ الزوايا والطرق الصوفية، تاريخ حافل بالمجاد، ولا ينكر فضلها إلا جاحد أو حاسد، أو مكابر معاند، وإذا كانت الزوايا قد أدت دورها في الماضي، بالوسائل المتاحة، حسب الظروف والأوضاع والإمكانات، فإن المطلوب منها اليوم، أكثر بكثير من أي وقت مضى، وبخاصة ونحن نعيش في عصر كثر فيه التطرف الديني، فما أحوجنا إلى الطريقة لتواصل أداء رسالتها، في هداية الناس وإصلاح نفوسهم، وتطهير قلوبهم، وتنوير أعينهم، وتوجيههم إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وهذا ما نلمسه في بعض الزوايا، وبخاصة الطريقة القادرية البودشيشية التي ما زالت حاملة المشعل في توجيه الناس عامة ومنيرة لهم طريق الهداية، وأداة فعالة في خدمة الحياة الروحية وفق منظور يراعي متطلبات الواقع ومستجدات الحياة، وبكونها ما زالت محافظة على الأصول والمرتكزات، ولاسيما بعد تزايد الحاجة إلى الإلمام بعلوم شرعية تقوم مناهجها على فقه ناضج وفهم عميق لنصوص الشرع ومقاصده.
إن الطريقة القادرية البودشيشية تجعل من أولوياتها؛ العناية بالتربية الروحية، وغسل القلب وتطهيره من الحقد والحسد والغل والنفاق والرياء، إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة، وذلك بذكر الله، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، كما تجعل من أولوياتها، نشر الثقافة الإسلامية التي تعرف بالإسلام تعريفا شاملاً متكاملاً، وتبرز صورته المشرقة ونظرته السمحة المعتدلة للإنسان والكون والحياة، ونتيجة لهذا وذاك انتشرت الطريقة في إفريقيا وأوربا وأمريكا وآسيا.
كان اختيارنا " الزوايا الصوفية ودورها في التربية الروحية، الزاوية البودشيشية نموذجاً " موضوعا لهذا الملتقى، باعتبار هذه الأخيرة الوسيلة المثلى لبناء الحياة الحقة، حياة القلوب، حياة الصلة بالحي القيوم، إنها التربية الصادقة التي تعمق الإيمان في القلوب، وتغرس حب الخير والعمل في النفوس، وتكفل للفرد والمجتمع معرفة الحقوق والواجبات، والالتزام بأدائهما، التربية التي تغسل قلوب الناس من حب الدنيا ومن أنانيتهم وحب أنفسهم، وتأخذ بأيديهم إلى الله، وتحررهم من العبودية للدنيا، ليعتصموا بالعبودية لله.
إنها الحياة الربانية التي ترتفع بالإنسان المخلوق إلى معرفة خالقه، وعبادته، ومحبته، وإيثاره على كل ما سواه، عن طريق تزكية النفس، ومجاهدتها في الله حتى يهديها سبيله، وتنتصر على أهوائها وشهواتها الظاهرة والباطنة، فلا فلاح للنفوس بغير التزكية كما قال تعالى : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها".
المقصد إذن من هذه التربية الإيمانية؛ تزكية النفوس وتطهيرها من عصبيتها ورعونتها، وإبعادها عن أهوائها حتى تفيض القلوب حباً لله عز وجل وخشية منه، فيثمر هذا الحب لله حباً لعباد الله، وإشفاقاً وحفاظاً عليهم، وحقناً لدمائهم، وإحساناً إليهم.
سنتعرف في هذا الملتقى على الدور الذي تلعبه الزاوية الصوفية أو الطريقة، باعتبارها طريقاً ربانياً، تقوم على صحة الاعتقاد، وحسن الإتباع، عمادها العلم والمعرفة، وأساسها الإيمان واليقين، منهجها سلوك الطريق باستقامة واعتدال، بعيداً عن سبيل الانحراف والضلال، فما أحوجنا اليوم إلى حياة روحية صافية، تكفل لنا العيشة الآمنة الراضية في الحياة الدنيا، والسعادة الأبدية والفوز برضوان الله في الدار الآخرة.
إن الإنسان أينما كان في أمس الحاجة إلى الغذاء الروحي، ليحقق توازنه، ومجتمعنا المسلم أحوج ما يكون إلى البعد الروحي، لتستقيم حياته المضطربة، وتنفرج أزماته المتلاحقة، وإنما تكفل هذه الحياة الصافية تربية إيمانية صادقة، تعتمد منهجا وسطا، موصولاً بقيم الإسلام الشامل المتوازن.
الدكتور عز العرب إدريسي أزمي
إن تاريخ الزوايا والطرق الصوفية، تاريخ حافل بالمجاد، ولا ينكر فضلها إلا جاحد أو حاسد، أو مكابر معاند، وإذا كانت الزوايا قد أدت دورها في الماضي، بالوسائل المتاحة، حسب الظروف والأوضاع والإمكانات، فإن المطلوب منها اليوم، أكثر بكثير من أي وقت مضى، وبخاصة ونحن نعيش في عصر كثر فيه التطرف الديني، فما أحوجنا إلى الطريقة لتواصل أداء رسالتها، في هداية الناس وإصلاح نفوسهم، وتطهير قلوبهم، وتنوير أعينهم، وتوجيههم إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وهذا ما نلمسه في بعض الزوايا، وبخاصة الطريقة القادرية البودشيشية التي ما زالت حاملة المشعل في توجيه الناس عامة ومنيرة لهم طريق الهداية، وأداة فعالة في خدمة الحياة الروحية وفق منظور يراعي متطلبات الواقع ومستجدات الحياة، وبكونها ما زالت محافظة على الأصول والمرتكزات، ولاسيما بعد تزايد الحاجة إلى الإلمام بعلوم شرعية تقوم مناهجها على فقه ناضج وفهم عميق لنصوص الشرع ومقاصده.
إن الطريقة القادرية البودشيشية تجعل من أولوياتها؛ العناية بالتربية الروحية، وغسل القلب وتطهيره من الحقد والحسد والغل والنفاق والرياء، إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة، وذلك بذكر الله، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، كما تجعل من أولوياتها، نشر الثقافة الإسلامية التي تعرف بالإسلام تعريفا شاملاً متكاملاً، وتبرز صورته المشرقة ونظرته السمحة المعتدلة للإنسان والكون والحياة، ونتيجة لهذا وذاك انتشرت الطريقة في إفريقيا وأوربا وأمريكا وآسيا.
كان اختيارنا " الزوايا الصوفية ودورها في التربية الروحية، الزاوية البودشيشية نموذجاً " موضوعا لهذا الملتقى، باعتبار هذه الأخيرة الوسيلة المثلى لبناء الحياة الحقة، حياة القلوب، حياة الصلة بالحي القيوم، إنها التربية الصادقة التي تعمق الإيمان في القلوب، وتغرس حب الخير والعمل في النفوس، وتكفل للفرد والمجتمع معرفة الحقوق والواجبات، والالتزام بأدائهما، التربية التي تغسل قلوب الناس من حب الدنيا ومن أنانيتهم وحب أنفسهم، وتأخذ بأيديهم إلى الله، وتحررهم من العبودية للدنيا، ليعتصموا بالعبودية لله.
إنها الحياة الربانية التي ترتفع بالإنسان المخلوق إلى معرفة خالقه، وعبادته، ومحبته، وإيثاره على كل ما سواه، عن طريق تزكية النفس، ومجاهدتها في الله حتى يهديها سبيله، وتنتصر على أهوائها وشهواتها الظاهرة والباطنة، فلا فلاح للنفوس بغير التزكية كما قال تعالى : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها".
المقصد إذن من هذه التربية الإيمانية؛ تزكية النفوس وتطهيرها من عصبيتها ورعونتها، وإبعادها عن أهوائها حتى تفيض القلوب حباً لله عز وجل وخشية منه، فيثمر هذا الحب لله حباً لعباد الله، وإشفاقاً وحفاظاً عليهم، وحقناً لدمائهم، وإحساناً إليهم.
سنتعرف في هذا الملتقى على الدور الذي تلعبه الزاوية الصوفية أو الطريقة، باعتبارها طريقاً ربانياً، تقوم على صحة الاعتقاد، وحسن الإتباع، عمادها العلم والمعرفة، وأساسها الإيمان واليقين، منهجها سلوك الطريق باستقامة واعتدال، بعيداً عن سبيل الانحراف والضلال، فما أحوجنا اليوم إلى حياة روحية صافية، تكفل لنا العيشة الآمنة الراضية في الحياة الدنيا، والسعادة الأبدية والفوز برضوان الله في الدار الآخرة.
إن الإنسان أينما كان في أمس الحاجة إلى الغذاء الروحي، ليحقق توازنه، ومجتمعنا المسلم أحوج ما يكون إلى البعد الروحي، لتستقيم حياته المضطربة، وتنفرج أزماته المتلاحقة، وإنما تكفل هذه الحياة الصافية تربية إيمانية صادقة، تعتمد منهجا وسطا، موصولاً بقيم الإسلام الشامل المتوازن.
الدكتور عز العرب إدريسي أزمي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة