آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تفسير قوله تعالى :{ فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

تفسير قوله تعالى :{ فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ }.

قال سهل : فروا مما سوى الله إلى الله ومن سخطه إلى رضوانه وفروا من المعصية إلى الطاعة ومن الجهل إلى العلم ومن عذابه إلى رحمته.
وقال أيضا : فِرّوا مما سوى الله إلى الله. { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي أنذركم عقابه على الكفر والمعصية.
قال محمد بن حامد : حقيقة الفرار إلى الله ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " وألجأت ظهرى إليك " وما روى عنه فى خبر عائشة أنه قال: " أعوذ بك منك " فهذا غاية الفرار منه إليه.
وقال أيضا : فروا إلى الله عز وجل من رؤية الاكتساب واجتلاب قواك وفعلك.
قال بعضهم: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } اهربوا إليه والمعنى اخرجوا من أنفسكم فإن مؤنتها عظيمة عليكم فإنها مأوى كل سوء.
وقال ذو النون المصري: ففِرّوا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر. 
وقال عمرو بن عثمان : فِرّوا من أنفسكم إلى ربكم. وقال أيضاً: فِروا إلى ما سبق لكم من الله ولا تعتمدوا على حركاتكم.
وقال بعضهم : من فر من نفسه فلينظر إلى أحد يصل إليه إلاَّ من يفر من نفسه.
قال الواسطى رحمة الله عليه: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } معناه لما سبق لهم من الله لا إلى علمهم وحركاتهم أنفسهم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بك منك ".
وقال أيضا: علم العلماء ونسب المنتسبين لا ينفع عندما سبق من السوابق فلا نسب أشرف من نسب خلقه الله بيده فلم يعصمه ولا علم أرفع من علم من علَّمه الأسماء كلها ولا عبادة أجهل من عبادة إبليس لم ينفع ذلك مما سبق بل الفرار إليه مما ينفع لأنه يقول: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } ففروا حينئذ من الله إلى الله بأجمعهم على ما أمرهم الله لا إلى أعمالهم ولا إلى علومهم ولا إلى أنسابهم ولا إلى أنفسهم كما قال عليه السلام: " أعوذ بك منك ".
     الفرار إلى الله يكون من خمسة أشياء : من الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة بالتوبة ، ومن الغفلة إلى اليقظة بدوام الذكر، ومن المقام مع العوائد والحظوظ إلى الزهد بالمجاهدة وخرق العوائد ، ومن شهود الحس إلى شهود المعنى ، وهو مقام الشهود . وفي القوت : { ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } الفَرْد ، { ففروا إلى الله } أي : من الأشكال والأضداد إلى الواحد الفرد . وفي البخاري : " معناه : من الله إليه ".
     جاء في مفاتيح الغيب :{ فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }
أمر بالتوحيد، وفيه لطائف. الأولى : قوله تعالى: { فَفِرُّواْ } ينبـىء عن سرعة الإهلاك كأنه يقول الإهلاك والعذاب أسرع وأقرب من أن يحتمل الحال الإبطاء في الرجوع ، فافزعوا إلى الله سريعاً وفرو ا. الثانية: قوله تعالى: { إِلَى ٱللَّهِ } بيان المهروب إليه ولم يذكر الذي منه الهرب لأحد وجهين ، إما لكونه معلوماً وهو هول العذاب أو الشيطان الذي قال فيه: { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً }[فاطر: 6] وإما ليكون عاماً كأنه يقول: كل ما عدا الله عدوكم ففروا إليه من كل ما عداه، وبيانه وهو أن كل ما عداه فإنه يتلف عليك رأس مالك الذي هو العمر، ويفوت عليك ما هو الحق والخير، ومتلف رأس المال مفوت الكمال عدو، وأما إذا فررت إلى الله وأقبلت على الله فهو يأخذ عمرك ولكن يرفع أمرك ويعطيك بقاء لا فناء معه. 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية