أما التوحيد: فهو إفراد القدم عن الحدوث والإعراض عن الحادث والإقبال على القديم حتى لا يشهد نفسه فضلا عن غيره، لأنه لو شاهد نفسه في حال توحيد الحق تعالى أو غيره لكان مثنيا لا موحدا ذاته القديمة بوصف الوحدانية موصوفة وبنعت الفردانية منعوتة، وصفات المحدثات من المشاكلة والمماثلة والاتصال والانفصال والمقارنة والمجاورة والمخالطة والحلول والخروج والدخول والتغيير والزوال والتبدل والانتقال من قدس ذاته ونزاهة صفاته مسلوبة، ولا ينسب نقصان إلى كمال جماله وكمال جمال أحديته مبرأ عن وصمة ملاحظة الأفكار، وجلال صمديته معرى عن مزاحمة ملابسة الأذكار، ضاقت عبارات المبارزين في ميدان الفصاحة عن وصف كبريائه، وعجز بيان السابقين في عرصة المعرفة عن تعريف ذاته تعالى، وتعالى إدراكه عن مناولة الحواس ومحاولة القياس، وليس لأصحاب البصائر في أشعة أنوار عظمته سبيل التعامي والتغاشي. إن قلت: أين؟ فالمكان خلقه، وإن قلت: متى؟ فالزمان إيجاده، وإن قلت: كيف؟ فالمشابهة والكيف مفعوله، وإن قلت: كم؟ فالمقدار والكمية مجعوله، الأزل والأبد مندرج تتحت إحاطته، والكون والمكان منطو في بساطه كل ما يسع في العقل والفهم والحواس والقياس ذات الله تعالى مقدسة عنه. إذ كل ذلك محدث والمحدث لا يدرك إلا المحدث دليل وجوده، وبرهان شهوده الإدراك في هذا المقام عجز. والعجز عن درك الإدراك إدراك. لا يصل بكنه الواحد إلا الواحد، وكل ما انتهى إدراك الموحد إليه فهو غاية إدراكه لا غاية الواحد تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وكل من ادعى أن معرفة الواحد منحصرة في معرفته فهو بالحقيقة ممكور ومغرور. وقوله تعالى: "وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ" (الحديد: 14). إشارة إلى هذا الغرور.
فصل في التوحيد
والتوحيد في البداية نفي التفرقة والوقوف على الجمع. وأما في النهاية فيمكن أن يكون الموحد حال التفرق مستغرقا في عين الجمع وفي عين الجمع بعين الجمع ناظراً إلى التفرقة بحيث كل واحد من الجمع والتفرقة لا يمنع من الآخر. وهذا هو كمال التوحيد وذلك أن يصير حال التوحيد وصفاً لازماً لذات الموحد، وتتلاشى وتضمحل ظلمة رسوم وجوده في غلبة إشراق أنوار توحيده، ونور علم توحيده يستتر ويندرج في نور حاله على مثال اندراج الكواكب في نور الشمس، فلما استبان الصبح أدرج ضوءه بإسفاره أضواء نور الكواكب. وفي هذا المقام يستغرق وجود الموحد في مشاهدة جمال الواحد في عين الجمع بحيث لا يشاهد غير ذات الواحد تعالى وغير صفاته عز وجل واستلبه أمواج بخر التوحيد وغرق في عين الجمع من هنا.قال الجنيد -قد الله روحه- : معنى ذلك تضمحل فيه الرسوم وتندرج فيه العلوم ويكون الله تعالى كما لم يزل. وقيل: من وقع في بحار التوحيد لا يزداد على ممر الزمان إلا عطشاً.
إحداها: وجود البارئ تعالى ليبرأ به من التعطيل.
ثانيها: وحدانيته تعالى ليبرأ به من الشرك.
وثالثها: تنزيهه تعالى عن كونه جوهراً أو عرضا. وعن لوازم كل منهما ليبرأ به من التشبيه.
ورابعها: إبداعه تعالى بقدرته واختياره لكل ما سواه ليبرأ به عن القول بالعلة والمعلول.
وخامسها: تدبيره تعالى لجميع مبتدعاته ليبرأ به عن تدبير الطبائع والكواكب والملائكة، وقوله (لا إله إلا الله) يدل على الخمسة.
فصل في بيان أنواع التوحيد
اعلم أن إثبات التوحيد خمسة أشياء في أصول التوحيد لا بدّ لكل مكلف من اعتقادهم.إحداها: وجود البارئ تعالى ليبرأ به من التعطيل.
ثانيها: وحدانيته تعالى ليبرأ به من الشرك.
وثالثها: تنزيهه تعالى عن كونه جوهراً أو عرضا. وعن لوازم كل منهما ليبرأ به من التشبيه.
ورابعها: إبداعه تعالى بقدرته واختياره لكل ما سواه ليبرأ به عن القول بالعلة والمعلول.
وخامسها: تدبيره تعالى لجميع مبتدعاته ليبرأ به عن تدبير الطبائع والكواكب والملائكة، وقوله (لا إله إلا الله) يدل على الخمسة.
ممكن المرجع الذي أخدت منه هذا التعريف جزاكم الله خيرا
ردحذف