اعلم يا فقير وفّقك الله أنّ طريقنا هذه طريق الجد لا الهزل ، وطريق الحق لا طريق الباطل ، وطريق الصدق لا الكذب ، وعلى قدر جدّ الفقير وحقّه وصدقه تصفا مرآة باطنه وتلوح أسراره وتتجوهر فكرته وتسرح في باطن الملك وتستريح من أثقال ظاهره . والعكس بالعكس : فمن أراد الراحة فعليه بالتعب ، إذ ما عند الله لا يُنال براحة البدن .
هذا وإنّي أرى أحوال الفقراء تستدعي التلف والخسران ، نسأل الله السلامة والعافية من أسباب الخسارة والرزية ، وذلك أننا سمعنا ورأينا أن الفقراء جمعهم لا يخرج عن المذاكرة في العلم الرباني الذي يخرج صاحبه من حضرة النفوس ويزجّها في حضرة الملك القدّوس ، واليوم قد رأينا العكس ، بحيث لا ترى الفقراء إلا خائضين في الباطل والكلام في الحس ، وهذا هو الرأي المعكوس الذي يردّ إلى بلاد النفوس .
وبحق أقول لكم إنّ من ادعى هذه الحالة ودام عليها فليعلم أنّه عبد ممقوت عند الله ، ساقط من عينه ، والآن توبوا إلى الله بنعت الإعراض عن الخوض في الباطل والإقبال على الله ولا يشغلنكم ما نزل بالناس من ارتفاع الأسعار ، فإنّ ذلك مراد الله بعباده ، وما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوقت غير ما أظهره الله .(1) واسمعوا قوله تعالى :(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)[الرعد:11] تعلمون أنّ مراد الله من تلوين التجلّي هو طلب الإقبال عليه في كل وقت . والسلام .
** ** **