اعلم أن "هُو" هيَ خاتمة هذ الاسم الشريف فيه معنى لطيف ، وهو أن قولك "هُو" حرفان "ها" و"واو"، فَ "الهَا" حرف يخرج من آحر مخارج الحروف، لأنه يخرج من داخل الحلق ، فهو آخر الحروف مخرجاً . و"الواو" يخرج من بين الشفتين ، وهو أول مخارج الحروف ، فهو أول الحروف مخرجاً . فأشار إلى ذاته بهذين الحرفين وقال : هو الله ، مشيرا أنه هو الأول وهو الآخر لا أول قبله ولا آخر بعده منزه عن الحلول والنزول لا كما يخطر للعقول ، فإذا سَمعتْ :"وَسِعني قَلبُ عَبدي المُؤمن" .
فاعلم أن القلب غيب والربّ غيب ، فاطلع الغيب على الغيب ، فكان اطلاعه نزولاً لا حلولاً . واعلم أن لطيفة ذلك أن القلب خُلق كامل الوصف فله وجهان ظاهر وباطن ، فظاهره ترابي أرضى مظلم طبيعي جسماني ، وباطنه سماوي علوي نوراني روحاني ، فكثافة ظاهره لمباشرة القوى الطبيعية البشرية ، ولطافة باطنه لمواجهة الملكوتيات العلوية الربانية الروحانية ، فعلى قدر مواجهته لها ومقابلته إياها انعكست عليه أشعة أنوارها ، وتجلت لأسراره بأسرارها ، فشاهدها بالأنوار التي فاضت عليه ، وأدركها بالأسرار التي أبدتها إليه وهذا معنى العكس والمقابلة ، فهو يشهد جمالية محبوبه في مرآة قلبه من غير حصر ولا تحيز ولا حلول ولا انفصال ولا اتصال ، فهو في المثال كمرآه لها وجهان : ظاهرها كثيف مظلم ، وباطنها لطيف مضيء فلو قابلها ما قابلها من صغير أو كبير أرته ممثلا فيها مع صغر جرمها وكبر المرئي فيها ، ولو كان جملا أو جبلا أرته بكل أجزائه فيها من غير حلول فيها ولا اتصال بها وتحيز في شيء منها ، فكذلك الحق سبحانه وتعالى إذا تجلى على قلب عبده المؤمن يشاهده بعين قلبه ويجتليه ببصر بصيرته من غير حلول ولا تحيز ولا اتصال ولا انفصال . وأوضح من المقال ما يشرحه في هذه الأبيات :
ولما تجلى من احب تكرما
و أشهدني ذاك الجناب المعظما
تعرف لي حتى تيقنت أنني
أراه بعينى جهرة لاتوهما
وفى كل حال اجتليه ولم يزل
على طور قلبى حيث كنت مكلما
وما هو في وصلى بمتصل
ولا بمنفصل عنى وحاشاه منهما
وقر مثلى أن يحيط بمثله
وأين الثرى من طلعة البدر إنما
أشاهده في صفر سرى
فاجتلى كمالا تعالى عزة أن يقسما
كما أن البدر التم يظهر وجهه
بصفر غدير وهو في أفق السما
** ** **
نقلا عن مخطوطة
لمن خذا القول . ومن فضلكم من هو الذي اورد شرحه
ردحذفمخطوطة مجهول صاحبها
حذف