اعلم أن الله تعالى أوجد العز وجعله منبع قدرته، وأضافه إليه. كما أوجد الذل، وجعله منبع حكمته، وأضافه لخلقه، والكل منه وإليه.
الربوبية قائمة بين قدرة وحكمة، كذلك العبودية قائمة بين حكمة وقدرة. صار العز منه نَبَعتْ قدرة جميع الخلق. كما أن الذل هو منبع حكمتهم، والقدرة قدرته تعالى، كما أن الحكمة حكمته تعالى، والكل إهابة منه وفضلا على عبده.
وأيضا اعلم أن الفقراء المنتسِبين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول : هم أهل الانتساب بمجرد القول جاهلين لا يفقهون شيئا، ولا يفرقون بين ظاهر ولا باطن.
- والفرقة الثانية : أهل ظاهر، لم تحصل لهم ثمرته، ولا يعرفون شيئا من الباطن.
- والفرقة الثالثة : أهل ظاهر مع حصول ثمرته ولا يعرفون شيئاً من الباطن.
- والفرقة الرابعة : حصل لهم الظاهر، وحصلت لهم ثمرته، وحصّلوا الباطن، ولم تحصل لهم ثمرته.
- والفرقة الخامسة : حصّلوا الظاهر، وحصّلوا ثمرته كما حصّلوا الباطن، وحصّلوا ثمرته، ويكون بالعكس، حصّلوا الباطن، وحصّلوا ثمرته، وحصّلوا الظاهر، وحصّلوا ثمرته. صاحب هذا المقام هو الذي قالوا فيه: إنه برزخ بين بحرين: بحر الشريعة، وبحر الحقيقة.
** ** **
نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد