آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الوعاء المختوم على السر المكتوم

الوعاء المختوم على السر المكتوم

تأليف العلامة الشيخ 
قاسم ابن أبي الفضل الشافعي 
من علماء القرن العاشر
وهو شرح " عنقاء المغرب " لمحي الدين ابن العربي
فرغ الشارح منه سنة 954
***
شرح " عنقاء المغرب "
تأليف الشيخ الإمام العلامة عمدة الراحلين
قاسم أبي الفضل
شيخ المشايخ بحلب الشهباء
في القرن التاسع الإسلامي
بخط العلامة عبد القادر الورديني المغربي الجواني 
عليه رحمة الباري
آمين
***
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

   الحمد لله الذي جعل المعاني روح الكلمات الموضوعة في الرسوم والحـروف أجساما وجـعل صـورها دلالات تـروى بها الفهوم ، فـهي كالرياض يرتـع العارف مـنها أنوار نور التوحـيد والعـلوم ، فإذا أنشق أرج حـكمة بنور أسـرار الواردات المزهـرة كالنجـوم ، كـانت مزهـقة لباطـل النفـس والشيـطان ترشـقه كالرجـوم ، فـيبرز لهم درر لطـايفه مزلجة قاموس بحـر مظلم متراكـم مركوم ، ويكـشف لهم عن خـتم لـؤلـؤ معـبأ في صدف مخـتوم .
    أحمده حـمد عاجز عن إحصاء الثناء من كل وجـه معلوم ، حمد نفسه بنفسه كما ورد به الذكر المحكوم . الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكـة رسـلا أولي أجـنحة لعظـمته تقوم . وأشـهد بما شـهد به لنفسه أن لا إله إلا هـو بدلالة آياته الظاهـرة ومـا تحت التخوم وأشـهد بإطاعة رسـوله وجعلها بطاعـته تقوم . وصلـى عليـه وأمرنا بذلك ليظهر سـر الخاتم والمختوم. صلى الله وسلم عليه وعلى أصحابه زواهر النجـوم. 

   وبعد : فقـد سـألني جماعـة من أثق به من الإخـوة. وله إلى الشيخ مـيل ومحبـة أن أشرح كتاب عنقاء المغرب للشيـخ الإمام العـالم العـارف بالله تعالى الولـي سيدي محـيي الدين بن عربي. فاعتذرت إليه بالعجـز عن هـذا المـقام المـغرب. وقلت كـيف يكـون مثلي له معرب. فمكث يردد علي هذا السؤال وسياط العجز تضربني ونقصيني عن الجـواب. وأقول لنفسي سـائل لسائل لا يغني عن السؤال. فلما أجهدت نفسـي من هـذا المقـام. ووسمتها بالذل أي وسـام. فغـبت عن هـيكل الأجسام والوجـوه فأبرز الحـق من رقائق إسمـه الجـواد صاحب الجود بالجواد. وجلى على رسوم جسوم لباب ما رمـزه الشـيخ في هذا الكتاب. وذلك أني رأيت في عـالم الخيال أن ورد علي رسول الإلهام مبشـرا بنتيجة هذا الكـتاب وذلك بينا أنا سائر في صحبة بعض الإخوان نريد صـلاة الجـمعة ومعه إبريق من المـاء مـلآن. فقلت لرفيقي لعلك تقـف بي هـنا لأتوضـأ فإني لست بواضـي. فقال لي افـعل ما تريد. فدخلت حـديقة من غير شجـر. ولكنها مظنة الشجر محروثة الأرض كثيرة الحجـر. وهي مستديرة بهـا استدارة الهالة بالقـمر. فأخذت أطلب مكانا يسـترني من كـشف عورتي عند الاستخـلاء فرأيت في بعـض الحجـر هيئة عـقبة فـتسترت بـها وجلسـت لقضـاء الحـاجة. وإذا بين يدي ثقب من الأرض خارج منه نفـس عال فأخذني منه خوف أن يكون ذلك ثعبانا يلدغني ويهجـم علي وهذا الخاطر يتردد في فكري. وإذا بريشة بيضـاء قد لاحت من تحت التراب فزال ذلك الخاطر. وعلمت أنه طير مدفون في التراب. وإذا بمنقاره خرج من التراب أيضا وهو أحمر على هيئة المرجان. فخشيت أن يطير فهاجـمته وقبضت على عـنقه. فبالتقدير جاءت القبضـة تحت رأس ذلك الطـير بأربعة أصابع وأخرجته من التراب فإذا هو بطولي وهو طاووس لم ير مثله. فخـشيت أن ينشر جناحه ويطير مـني فأخذت بيد الأخرى على جناحيه ورجليه. وقـبضت عليه قبـضا بحيث لا يمكـنه التملص مني وأنا حامله وأنظـر إلى نقشـه وحـسن خلقتـه وأتعجب منه وأنا داخل في باب مدينة لا أعرفـها. فلما استيقظت علمت أنه الوحـي الإلهامي غـير أني لا أعلم بـما ألهـمت فلما كـان الليلة الثانيـة استخـرت الله تعالـى ومـن استخاره ما خاب. فرأيت كأني في عـالم الخـيال وأنا في إيوان مفـروش فيه نطـوع مكية. ورجل من أصحـابنا اسمه بدور جالس على ذلك المكان وفي صـدر ذلك المكان طرس من صفر على الجدار هيأة الطلسم وهو يدور ينطق إلي بأبيات من الشعر وأنا من شـدة فرحـي وسـروري بذلك أخـذني البكـاء بصوت عالٍ ومتحصل ما ينطـق به ذلك الطلسم شـعر :
لا ينـال القرب غير فـتى 
 جانب الأقـران والخـلا
جاهـدا للنفـس مجـتهدا 
 يكتفي بالنجـي والخـلا
قال الشارح :
فأولت الطلسم الصـفر كتابا مشكـلا ونطقه لي بتساهل معانيه وبدور إشـارة إلى المبادرة فاسـتيقظت وأنا في فـترة فـعند ذلك حصلت من فيض شيخنا لمحة برق غير خلب برقت من سم إبرة فأمطر علي سحـاب غيث مغيث فانتهجت أرض وجـودي وأنبتت ما فيها من الكـلأ فأزهرت حسنا وبها. فبينما أنا أرتع في رياضها إذ وجدت ضالة فالتقطتـها وهي الحكـمة في هذه المدنية الإنسانية. وقـوله صلى الله عليه وسلم :" الحكـمة ضـالة المؤمن حيث وجدها التقطـها "أي أخذها بالتفكـر والاعتبار بقوله تعالى : " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ " وقد ضاهى شيخنا هذه المدنية الإنسانية بالعالم جـميعه وجعل ذكر الملاحم الظاهـرة بمنزلة القالب لتحـصيل معنى الملاحم الباطنة فإنه تعالى رضي الله عنه أشار إليه في النظم في بعض كلامه بقوله :" فاعرف إلهـك من قبل الممـات. فإن تمت فأنت على التقليد مسجون " وقد مدحه العلامة شيخ زمـانه مجد الدين الفيروزابادي صـاحب القامـوس لما سئل عن القراءة في كتب الشيخ أعاد الله تعالى علينا من بركاته فأجاب : ما صورته اللهـم أنطـقنا بما فيه رضـاك. الذي أعتقده في حـال المسـئول عنه وأدين الله به أنه كان شـيخ الطريقة حالا وعـلما وإمام التحقيق حقيقة ورسـما وسمى رسوم المعاني فعلا وإسما. إذا تغلغل فكر المـرء في طـرف من مجده غرقت فيه خواطره في عباب لا تدركه الدلاء وسحاب تتناقص عنه الأنواء وكانت دعواته تخـترق السبع الطباق وتفترق بركاته فـتملأ الآفاق وإن ظـني به أنني ما أنصفته وأنشد شعر :
وما علي إذا ما قلت معتقدي
دع العذول يظن الجهل عدوانا
والله والله والله العظـيم ومن 
أقـام حجـة لله برهــانا
إن الذي قلت شيا من مناقبه
 ألا لعل زدت الوصف نقصانا

وأما كتبه ومصنفاته البحـار الزواخر التي بجواهرها وكثرتها لا يعرف لها أول ولا آخـر. وما وضـع الواضعون مثلها وإنما خص الله بمعرفة قدرها أهـلها. صاحب كلام القاموس وأما ما جـنح إليه فكري القاصر. وذهني الفاتر. في مدحه نظما حيث أقول:
والله والله أيمـانا مؤكـدة 
 يمـيز صـدق فلا زور ولا كذب
قد كان بحرا مع الأمواج طامية .
 والسفن سايرة والريح تضطرب
فالشيخ محيي لدين الله رايها 
 بالجد والعزم لا خوف ولا حرب
كـم فـك رموز علم مقفلة 
 وفـاق أقرانه مشهور بالعرب
عقد على جيد هذا الزمن بهجته 
تزهو جواهره بالفطن والأدب
عـلا على الغر قريب الدهر مرتبة 
 وصاغ ألفاظه من تبره الذهب
كـبريته الأحمر الشفا وطالعه 
 يدور في فلك الأفـلاك للطلب
أكسيره الخارج الأجسام معكر
في جوهر النفس بالتدبير يكتسب 
كـذا خزانته عـنقا مغربـة 
 لطالب راغب بالجـد والنصب
يغوص في بحر أفكار يجني جواهره 
في كل فرد يتيم لؤلؤ رطب
قد بايع النفس يبغي وصلا رغدا 
 وغاب عن جنسه والحير والتعب
فالحاتم الطائي ذاخر فاقه وما 
 عمت فضائله للعجم والعـرب
للصالحيّة تـاج من جـلالته
 لما أتـاه سـليم فـاز بالأدب
وعمه النصـر بالفتح المبـين له
 والأمن يدخله مصر بلا تعب
فإن تكن سالكا منهاجـه رغـبا 
 ففي فتوحاته سلك لمرتقب
فغرة الدهر أضحت وعلى سيرته 
 من نالها جاهدا يعلو على الرتب
والدُرّ ما قلت بعضا من فضايله 
 فالعجز عن ضبطها أيضا وعن نسب

فطالما حاولت هذا الديوان وحـمت حول هذا الميدان وتقهقرت خوف العجز في مقارنة الشجعان وأقول للنفس لا يقاس الأبطال بالبطال لما حـوى فيه من الإعجـاز وموجـة اللفـظ والإيجــاز فأحببت أن أكون له خادماً وأمر عليه على سبيل المجاز* وهو المسمّى بِعَنْقَا مُغْرِب الذى عجز عن ضبطه كل معرب *ومترجم بالوعا المختوم * على السر المكتوم * بعد الاستخارة قبل الشروع فيما أردته * والاتيان فيما قصدته * فسارعت بالمبادرة إلى الاحكام أدفع عن نفسى الرياء ولات حين مناص * والآن أشرع فيه بحسن النية * مع المشيئة المستوفيه * وأقول وهو الموفق لكل خير وسول * ودونك إشارة على كل طالب * مطرزة بالشرع من كل جانب * كما كان الإنسان حسا ومعنى * فالحس الجسد والمعنى الروح كان كالوعا للروح وَهو المعنى والجسد مختوم * على الروح إلى وقت انفكاك أجزائه والسر كامن فى النوع الإنسانى بالقوة والفعل فجميع المؤمنين كامن فيهم بالقوة والأنبياء بالفعل * وَمثاله نور مكتوم * فإذا جاهده برز من قوته إلى الفعل هذا فى حق الولي وأما الأنبياء فنور النبوة ظاهر بالقوة والفعل من غير مجاهدة فمجاهدة النبى إما شكر وإما تشريع إن أمر ذلك النبى بالإبلاغ فنوره من غير كتم ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم:"اللهم اجعل لي نورا فى سمعى ونورا فى بصرى"، فشرع لنا الدعاء إعلاماً بأنه نور محض ولهذا كان إذا مشى فى الشمس لا يرى له فيْئ والعارف إذا حصلت له المجاهدة استمد هذا السر المكتوم فى الوعاء أي الجسد المختوم لقوله صلى الله عليه وسلم :"خلق الله الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ذلك النور ضل" فصاروا يستمدون ذلك النور الكامن فى وجودهم بالفرائض والنوافل للحديث :"ما تقرب إلى عبد بأحسن مَا افترضتُ عليه" ، الله نور السموات والأرض فإذا أشرقت أرض وجود العارف برز السر وشهده كل ما فى العالم وأشرقت الأرض بنور ربها. فلما أظهره الله تعالى على هذه النعمة وجب عليه الثناء على الله جملة فعلية لأنها أعم من الجملة الإسمية وأبلغ فى المدح قال رضى الله عنه حمدت والحمد فى عرف التحقيق تعريف المحمود بنعوت الكمال وذكره للمخاطب بما هو عليه من الفضائل ومحاسن الخصال. فكل حمد من كل حامد على كل محمود تعريف من الحامد للمحمود بما يستحقه وذكر لهُ بفضائل بنى آدم كقولك أن زيدا عالم حكيم جواد كريم، فعرفته بالعلم والحكمة والعدل والجود والكرم عند المخاطب، فقول الشيخ رضى الله عنه حمدت أراد الجملة الفعلية لعمومها لأن الفعل يتجدد بتجدد الأوقات إلهى المعبود بحق واختلف العلماء فى اسم الذات، فذهب الخليل وسبويه والمبرد من علماء العربية إلى أنه إسم علم للذات، ومن علماء الشريعة أبو حنيفة والشافعى والغزالى والإمام محمد بن عمر الخطيب الرازى وأبو زيد البلخى والفضال الشامى والخطابى من المتكلمين والنظار رحمة الله تعالى عليهم، وكلهم اختاروا القول بعلميته وأنه مشتق من عشرة أوجه، أحدها : أنه مأخوذ من لاه يلوه، إذا فزع ولجأ، وأصله لاه على وزن فعَل بمعنى مفعول، لكونه مفزع كل فزع وملجأ كل جزع، فلما دخلت لام التعريف فى لام الأصل وفخمت للتعظيم. والثانى : من الوله وهو شدة المحبة، بمعنى أنه تعالى هو المحبوب بأشد ما يكون من المحبة، قال تعالى:" والذين آمنوا أشد حبا لله ". والثالث : أنه مشتق من لاه يلوه، إذا احتجب لأنه تعالى محتجب برداء كبريائه وإزارِ عظمته عن إدراك أبصار العيون. الرابع : أنه مأخوذ من لاه يلوه إذا ارتفع وذلك أن الرفعة الحقيقية له تعالى. الخامس : أنه مأخوذ من قولهم ألهت بالمكان إذا أقمت به هذا المعنى بالنسبة إليه تعالى كناية عن الدوام والإثبات والبقاء بالذاتية، لأن الألوهية ملزوم العالم فلا يتصور وجود الألوهية بلا مألوه، ولا وجود الربوبية بلا مربوب، وجودا وتقديرا. السادس : أنه مشتق من الألوهية وهى القدرة على الإيجاد والاختراع وهى ذاتية لله تعالى والاشتقاق ماضى لا مستقبل. السابع : من من أله يأله إذا تحير لأن ذاته محيرة إسم فاعل ومقام الحيرة الكبرى حضرته، فقد حيرت عقول أولى الألباب والحيرة من أعلى درجات العلماء الثامن : أنه مشتق من الإلاهه وهي العبادة من إله يالهُ إذا عبَد وتألّه إذا تعبد والله تعالى هو المعبود على الحقيقة التاسع : من وله الفصيل بأمه إذا ولع والمعنى أن الخلق مولهون به تعالى فى التضرع إليه والسؤال منه العاشر : أن الأصل فى الإسم هو هاء الكناية عن غيب ذاته إذ الهاء كناية عن الغائب والإشارة إلى غيب هويته ثم زيد فيه لام الملك والملكوت أو لام التخصيص إذ الكل له تعالى وهو مالك الكل بالتخصيص الملك والملكوت فحارت العقول فى معرفته والمقام الذى انفردت به الربوبية عظيم من العظمة التى لا تتناهى وهى له وصف كمال فأبدى بفتح الهمزة أى الحمد الذى حمدته أظهر على سرور أو بالضم يعود إلى نفس المتكلم تقديره وأنا ضمير المتكلم وحده بما حصل أى أبدى من باب إظهار النعمة شكرا للمنعم وأظهر فرحا وسرورا بما حصل له من الاطلاع على ذلك المقام والفؤاد أي سويداء القلب كظيم أي حزين خائف أن يكون ذلك استدراجا فاجتمع السرور والخوف فظاهره عليه السرور وباطنه فيه الخوف لأن مقام القرب يقتضى ذلك لأن الأنبياء كانوا أقرب الناس إلى الله وأكثر خوفاً وبلاء وما عجبي من فرحتي التى ظهرت علي كيف قورنت وهو ضرب من التعجب أي ضعف عن التجلى وكيف قورن الحزن المكمل بترحة  قلبى الضعيف عن هذا التجلى، وحل فيه عظيم لا بمعنى الحلول والاتحاد، بل بالمعرفة والعلم والعظمة والاعتبار، وإليه أشار فى الحديث القدسى :" ما وسعنى أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن" فإذا نظر إلى قلب عبده تنور باطنه بالعلم والمعرفة كذاك ظاهر العارف بالله تعالى الذى فنى عما سوى الله تعالى أَبْدأَ الله تعالى على ظاهره ما أبداه فى الباطن من النور والهيبة ليكتسب من صفات الله تعالى ظاهرا ليستوى طرفاه ظاهرا وباطنا فظاهر نور الولاية ساطع على سدف الشرفة والسدف فى لغة أهل نجد الظلمة أى ظلم ظاهر الأجسام لكنه يزول، وسببه أنه عرض والعرض ليس مقيم لأن من شيمه الزوال لأن كل صفة لها نور مخصوص تتجدد بتجدد الأوقات والمقامات فتزيل السدف. فلما رأيت ذلك أطرحت النعس وفنيت حتى اضمحلت ذاتي وصفاتي كموسى لما حصل له التجلي خر صعقا فلما أفاق جعل على وجهه برقعا ليلا يصعق من يراه من عظم النور الذى اكتسبه فى مقام المناجاة حين صعق فى التجلى وإلى هذا المعنى أشار سيدى عمر بن الفارض رضى الله تعالى عنه:
وفي صَعقِ دكَّ الحِسُّ خَرّتْ، إفاقَة ً
 ليَ النَّفسُ قبلَ التَّوبة ِ الموسويَّة

 أي لما طلب الرؤيا وحصل له التجلي الإلهى خر صعقا فلما أفاق ورجع إلى نفسه يلومها وقال تبت إليك من طلب الرؤيا. ثم استدرك الشيخ هذا المقام وإن لم يحصل فقال: ولكننى اغترف من فيض كشف بحر الشارع الأعظم التجلي الأكبر، وجوده باقي فى أمته مرده إلى يوم القيامة، وذلك أنه ما خصه تعالى بمنقبة إلا وجعل لنا منها نصيبا، وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم ونياتكم" فأنا عجبت لقلبى النازح عن هذا التجلي والحقائق ظاهرة موجودة، هيمَ والهيام بالكسر الإبل العطاش الواحد هيمان وناقة هيماء مثل عطشان وعطشى وقوم هيم أي عطاش وقد هاموا هياما وقوله تعالى فشاربون شرب الهيم هو الإبل العطاش وكذلك الحقائق عطشانة تهيم فى طلب العارف، لأن الطلب منها يكون لأن الله تعالى قال:" يحبّهم ويحبونه" فقدّم محبته فكانت سبب محبتهم وكذا الحقائق تهيم فى طلب العارف وما عجبي من النور الذى على هيكلي من نور ظاهر سدف جسمى والجسم آلة مضمحلة ولكنه محل الشكل ليظهر آثار النعمة ويعرف عظيم القدرة وإنما عجبت لهذا السر العظيم وهو القلب إذا صلح صلح الجسد كله وذلك لنور يقرن فى القلب وبسبب ذلك يعطى الولاية على سائر الأعضاء ويَرْأسُهُم كيف يريم أي يروم غير الحقائق بريم أصله يروم قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها من الروم وهو الطلب فإن كان ما يطلب القلب عن عزم صحيح وكشف وشهود رؤية صريح فنور تجليه ثابت عليه مقيم، أي فنوره لا يزول لأنه لم يكن ظاهرا لأن الأعمال لما كانت ظاهرة كانت منشابة بالرياء، فنورها مظلم وإذا كانت باطنة كان نورها مقيما .




التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية