آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مهما بقي فيك شيء من محبة الهوى نقص توحيدك بقدره

الإشارة : إذا علمت أيها المؤمن أن الحق جلّ جلاله يغضب هذا الغضب الكلي على من أشرك مع الله، أو اعتقد فيه ما ليس هو عليه من التنزيه وكمال الكمال، فينبغي لك أن تخلص مَشربَ توحيدك من الشرك الجلي والخفي، علمًا وعقدًا وحالاً وذوقًا، حتى لا يبقى في قلبك محبة لشيء من الأشياء ولا خوف من شيء، ولا تعلق بشيء، ولا ركون لشيء، إلا لمولاك، وحينئذ يصفى مشرب توحيدك، وتكون عبدًا لله خالصًا حرًا مما سواه، ومهما بقي فيك شيء من محبة الهوى نقص توحيدك بقدره، ولم تصل إليه ما دمت تميل إلى شيء سواه. وفي ذلك يقول الششتري رضي الله عنه:

إنْ تُرِدَ وَصْلَنَا فَمَوْتكَ شَرْطٌ 
لا يَنَالُ الوِصَالَ مَنْ فِيهِ فَضْلَه

فكن عبدًا لله حقيقة، وانخرط في سلك قوله: { إِن كل من في السماوات والأرض إِلا آتي الرحمن عبدًا }. فحينئذ تكون حرًا مما سواه، وَيملكك الوجود بأسره، يكون عند أمرك ونهيك. وفي ذلك يقول القائل:

دَعَوْني لملكهم فلما أجبتهم 
قالوا دعوناك للمُلك لا للمِلك 

وإذا فتحت عين القدرة وعين الحكمة وضعت كل شيء في محله، فتتنزه بعين القدرة في رياض الملكوت وبحار الجبروت، وتتنزه بعين الحكمة في بهجة الملك وأسرار الحكمة. فعين القدرة تقول: كل من في السماوات والأرض عبد مملوك تحت قهرية ذاته، فاعرف الضدين، وأنزل كل واحد في محله، تكنْ عارفًا بالله، فإن أردت أن تعرفه بضد واحد بقيت جاهلاً به. فالحكمة تثبت العبودية صورة صونًا لكنز الربوبية، والقدرة تغيبك عنها بشهود أسرار الربوبية، وفي الحكم: " سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور وصف البشرية، وظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية ". فالعبودية لازمة من حيث العبد، والغيبة عنها واجبة من حيث الرب، فإثبات العبودية، حكمةً، فرق، والغيبة عنها في شهود أنوار الربوبية: جمع، فالعارف مجموع في فرقه، مفروق في جمعه. ولما ذكر قبائح الكفرة أتبعه بذكر محاسن المؤمنين.

**   **   **

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية