الفناء
تكلم القوم رضي الله عنهم في الفناء وقالوا فيه أقوال كثيرة[1]، وأبلغها عندنا والله أعلم قول ولي الله تعالى أبي سعيد بن الأعرابي رضي الله عنه، لما سئل عنه - أي : عن الفناء - فقال :«إن تبدو العظمة والإجلال لقلب العبد فتنسيه الدنيا والآخرة، والأحوال والدرجات، والمقامات والأذكار، تفنيه عن كل شيء، وعن عقله وعن نفسه، وتفنيه عن الأشياء، وعن فنائه عن الفناء، لأنه يغرق في بحار التعظيم».
وقول ولي الله تعالى سيدي أبو المواهب التونسي رضي الله عنه : الفناء محو واضمحلال، وذهاب عنك وزوال.
ولا يدخل على الله إلا من بابين : من باب الفناء الأكبر ، وهو الموت الطبيعي، وإلا من باب الفناء الذي تعنيه هذه الطائفة، كما قال سيدي أبو العباس المرسي :"اللهم افتح بصائرنا، ونوِّر سرائرنا، وأفننا عنا، وأبقنا بكَ لا بِنَا.
** ** **
[1] - قيل : الفناء هُوَ أَن يفنى عَنهُ الحظوظ فَلَا يكون لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك حَظّ وَيسْقط عَنهُ التَّمْيِيزفنَاء عَن الاشياء كلهَا شغلا يما فنى بِهِ.
وَالْحق يتَوَلَّى تصريفه فيصرفه فِي وظائفه وموافقاته فَيكون مَحْفُوظًا فِيمَا لله عَلَيْهِ مأخوذا عَمَّا لَهُ وَعَن جَمِيع المخالفات فَلَا يكون لَهُ إِلَيْهَا سَبِيل وَهُوَ الْعِصْمَة وَذَلِكَ معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت لَهُ سمعا وبصرا.
وقيل: الفناء هو الغيبة عن الأشياء كما كان فناء موسى حين تجلى ربه للجبل. وقال الجيلي : الفناء فياصطلاح القوم هو عبارة عن عدم شعور الشخص بنفسه ولا بشيء من لوازمها .