قال الشيخ أبو مدين : وكنت أيام إقامتي بفاس أزور الشيخ أبا يعزي، وأول زيارتي له أني رأيت جماعة تحدثوا على كراماته ونووا زيارته، فذهبت معهم إليه، فلما وصلنا أقبل على القوم دوني، واحضر الطعام فمنعني من الأكل معهم فإذا حضر الطعام وقمت إليه انتهرني، فأقول في نفسي: هؤلاء من هذه العدوة أقبل عليهم الأندلسي. فأقمت كذلك ثلاثة أيام وقد أجهدني الجوع والذل، ثم قلت في نفسي: إذا قام الشيخ من مقامه أُمرغ وجهي في ذلك المكان، فقام ومرغت وجهي، فلما رفعت رأسي لم أُبصر شيئًا، فقلت: عميت، فبقيت طول ليلي باكيًا متضرعًا فلما أصبح استدعاني وقال لي: أقرب يا أندلسي! فدنوت وقلت له لا أبصر شيئًا، فمسح بيده على عيني فعاد بصري ثم مسح بيده على صدري وقال للحاضرين: هذا يكون منه كذا وكذا، فاستأذنته في الإنصراف فأذن لي وقال لي: ترى الأسد يعترضك في الطريق فلا يرعك، فإن اشتد خوفك فقل له: بحرمة أبى يعزي اذهب عني! ثم تجد ثلاثة من اللصوص عند شجرة فتعظهم فيتوب اثنان على يديك ويُضرب عنق الثالث ويًصلب على تلك الشجرة.
قال الشيخ أبو مدين : فلقيني الأسد في الطريق فأقسمت عليه بأبى يعزى فتنحى عني وخرج عن الطريق . فلما خرجت من الشعب تعرض لي ثلاثة من الرجال فوعظتهم فأثر كلامي في قلب أثنين منهم فأنصرفا، وعاد الثالث إلى الشجرة فسمع به بعض الولاه فأخذه وضرب عنقه وصلبه على تلك الشجرة.