نحن في أمس الحاجة لقراءة مثل وصايا ابن عربي لعلنا نخرج من خضم الفتن التي تعيشها الإنسانية الي روح وريحان الرضا وتذوق حلاوة الإيمان وبرد المحبة, وقد اخترت بعضا مما جاء في كتاب الوصايا من الفتوحات المكية لابن عربي لعلنا نستفيد منها, يقول ابن عربي:
{ عم برحمتك وشفقتك جميع الحيوان والمخلوقين, إذا أنفقت فلا ترد سائلا ولو بكلمة طيبة, وألقه طلق الوجه مسرورا به فانك انما تلقي الله, ان لله حقا علي كل مؤمن في معاملة كل أحد من خلق الله علي الإطلاق من كل صنف, من ملك وجان وانسان وحيوان ونبات ومعدن وجماد ومؤمن وغير مؤمن, افعل الخير ولاتبال فيمن تفعله تكن أنت أهلا له, ولتأت كل صفة محمودة من حيث ماهي مكارم الأخلاق تتحلي بها, وكن محلا لها لشرفها عند الله وثناء الحق عليها, فاطلب الفضائل لأعيانها واجعل الناس تبعا لاتقف مع ذمهم ولامدحهم, لاتكن لعانا ولاسبابا ولاسخابا, اياك أن تسأل الناس تكثرا وعندك مايغنيك في حال سؤالك فان المسألة خموش في وجهك يوم القيامة, التؤدة في عمل كل شيء.. الا في عمل الآخرة.
{ الراحمون يرحمهم الرحمن, فمن رحم نفسه يسلك بها سبيل هداها ويحول بينها وبين هواها, كن فقيرا من الله كما أنت فقير إليه, بمعني ألا يشم منك رائحة من روائح الربوبية, بل العبودية المحضة, إياك أن تقبل هدية من شفعت له شفاعة, فإن ذلك الربا الذي نهي الله عنه, كن علي نفسك ولا تكن لها أن أردت أن تسعدها عند الله وإياك ماتستحليه النفس الا أن يكون معها الشرع في ذلك فهو الميزان, إياك أن تظهر للناس بأمر يعلم الله منك خلافه, إياك وصحبة من تفارقه ولاتصحب الا من لايفارقك.. وهو عملك وإياك والحرص علي المال إياك ومايعتذر منه, وخف ثلاثة.. خف الله وخف نفسك وخف من لايخاف الله, عامل كل شخص من حيث هو لا من حيث ماأنت عليه, كن نعم الجليس للملك القرين الموكل بك ولاتعص الله بنعمه, وإياك والبطنة فانها تذهب بالفطنة, اذا فعلت فعلا فحسنه فان الله كتب الإحسان علي كل شيء, وعليك بالتواضع وعدم الفخر علي أحد, لكل شيء اذا فارقته عوض. وليس لله إن فارقت من عوض... اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه}.
{لا ترد سائلاً ولو بكلمة طيبة، وقابله طلق الوجه مسروراً به، وكان الحسن رضى الله عنه إذا سأله السائل سارع إليه بالعطاء ويقول أهلاً وسهلاً تحمل زادى إلى الآخرة، وإياك وظلم العباد فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وظلم العباد أن تمنع حقوقهم التى أوجب الله عليك أداءها، ولا تنهر السائل مطلقاً فإن الجائع يطلب الطعام، والضال يطلب الهداية}.
{إذا استطعمك أحد من خلق الله أو استسقاك فأطعمه واسقه إذا كنت موجدا لذلك فإنه لو لم يكن لك من الشرف والمنزلة إلا إن هذا المستطعم والمستسقي قد أنزلك منزلة الحق الذي يطعم عباده ويسقيهم وهذا نظر قل من يعتبره انظر إلى السائل إذا سأل ويرفع صوته يقول بالله أعطني فما نطقه الله إلا باسمه في هذه الحال وما رفع صوته إلا ليسمعك أنت حتى تعطيه فقد سماك بالاسم الله والتجأ إليك برفع الصوت التجائه إلى الله ومن أنزلك منزلة سيده فينبغي لك أن لا تحرمه وتبادر إلى إعطائه ما سالك فيه فإن في هذا الحديث الذي سقناه آنفا في مرض العبد إن الله يقول يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت إن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال أما علمت إن عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي }.