آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أيها المتصوفة

أيها المتصوفة

أنتم مظنة التقى والصلاح والاستقامة والزهد وأنتم معنيون بأمر الآخرة ومتجهون إلى الله بالإقبال عليه والتعلق به والتوكل عليه والرضا بقضاء الله وقدره والتحقق بالعبدية لله تعالى …ولكم في هذا مفاهيم وأذواق رائعة المعاني عظيمة الدلالات بالإضافة إلى ما اشتهرتم به من منهج تربوي متطلع إلى الرقي الروحي والطهارة النفسية القلبية …واعتمدتم منهجاً في السلوك إلى الله يرتكز على المجاهدات النفسية للسيطرة على القوة الغريزية والتحكم في قدراتها للارتقاء بمستوى السلوك لكي يكون العمل خالصاً لله تعالى ..زولا خلاف في أن الصوفية الحقة قد نجحت في تعميق التربية الروحية وأسهمت في نشر الإسلام والتعريف بحقيقته, وتكوين نماذج إسلامية راقية في فهمها صادقة في إخلاصها قوية في مواقفها , تقدم حيث يجب الإقدام من غير تردد، وتمسك بقيم الإسلام الأصيلة في السلوك الاجتماعي … هذه هي صوفية السلف الصالح وصوفية الرواد الأوائل من بناة الفكر الصوفي الأصيل الذي يعبر عن حقيقة الإسلام، وجاء زمان ادعى الصوفية قوم هم أبعد الناس عن الصوفية الحقة وتمسكوا بالمظاهر والطقوس وأقاموا مجالس الذكر وانشغلوا بالظاهر عن الباطن واتخذوا من التصوف مطية لتحقيق طموحات مادية في الجاه والمنزلة الاجتماعية والمنافع الدنيوية , ورفعوا شعار تغييب العقل والاستغناء عن العلم للوصول إلى الحقيقة , وخالفوا أحكام الشريعة في سلوكهم ومجالسهم وقادوا العامة إلى انحرافات في العقيدة والعبادة , وانحرفوا في بعض مفاهيمهم عن ثوابت العقيدة. والصوفية الحقة هي صوفية الصفاء الروحي والاستقامة السلوكية وهذه صوفية نحتاجها لتكوين الإنسان والنهوض بالمجتمع ..ولا نريد صوفية الانحراف والكسل ولا الصوفية التي تقدس الطقوس والأشخاص,, .. ولا صوفية المنافع الدنيوية والزعامات المتنافسة ..وأدعو الصوفية الحقة لمقاومة الصوفية المزيفة عن طريق الالتزام بظاهر الشريعة والاهتمام بالسلوك الاجتماعي الذي يتمثل في الأدب واحترام الأخر والنزاهة والاستقامة والعفة والتواضع والاهتمام بتكوين المسلم نفسياً وتربوياً لكي يكون أفضل مماهو عليه والاهتمام بقضايا الإنسان وتعميق قيم الخير في نفسه ومقاومة التخلف والجهل والفساد وقيم العبودية التي تتمثل في النفاق والتملق والخضوع للقوة والاتكال على الغير والكسل والرياء.. كانت صوفية الأمس تصنع المجاهدين والمرابطين والمقاومين والرموز الوطنية وتشيد معاهد العلم وترفع من شأن العالم في مجالس الحكام بسبب ترفعه وزهده وشجاعته في النصح الصادق وكلمة الحق …أما صوفيّة اليوم فإنما تختزن في داخلها قيم التخلف والاستسلام والتواكل والجهل والكسل وقلما يُهتم بالعلم في هذه المجالس وقلما تناقش فيها قضايا المجتمع وهموم الإنسان.. ما أجمل الصوفية وهي تحتضن المعاهد والمدارس العلمية وتناقش قضايا الإنسان من الجانب الفقهي.. وتسهم في نشر الثقافة والقضاء على الأمية ونشر روح التكافل في المجتمع والدعوة إلى تحرير الإنسان من العبودية وإلى الثقة بالعقل والاحتكام إليه في القضايا الاجتهادية المستحدثة.

الدكتور محمد فاروق النبهان

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية