آخر الأخبار

جاري التحميل ...

لواقح الأنوار القدسية المنتقاة من الفتوحات المكية

وقال في قول الله تعالى :(اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) اعلم أنه يدخل في هذا الأمر جميع أحوال العبد حتى حال الجنابة فضلاً عن الحدث، فإنه تعالى ما قيد حالاً بدون حال، فمنْ أنفت نفسه من أن يذكر الله على حدث أو غفلة فما وفّى الأمر بالذكر حقّه، فهؤلاء غاروا على الحق أن يذكروه علانية مع ذكرهم له سرّاً.

وثَمّ طائفة أخرى أنفت أن تذكر الله بين العامة خوفاً أن تذكره العامة بقلوب غافلة، وكان منهم الشبلي – قدس سره – في أول حاله، فهؤلاء ما وفوا بعهد الله، ولا كانوا على معرفة من الله، وهو حال أكثر الطريق؛ فغاروا على الحق أن يذكر في حالة مخصوصة فأخطئوا، ولو نظروا بعين البصيرة لعلموا أنه ما ذكر الله أحد قط عن غفلة، وما ذكر الله أحد قط عن غفلة، وما ذكره إلا بحضور باستفراغ له، أو حضور بغير استفراغ بل بمشاركة، فإن القلب وإن غفل عن الذكر الذي هو حضوره مع المذكور، فإن الإنسان من حيث كونه سميعا قد سمع ذكر الله من لسان هذا الذاكر فحضر بالقلب، وراعى ما جاء به هذا الذكر، ولم يجئ إلا بذكر اللسان الذي وقع بالسمع، فجرّد له هذا القلب ما يناسبه من الذاكرين منه وهو اللسان، فذكر الله بلسانه موافقة لذكر ذلك الذاكر المذكور له، والقلب مشغول بشأنه الذي كان فيه مع أنه لم يشتغل عن تحريكه اللسان بالذكر فلم يشغله شأن عن شأن.

فلذلك قلنا: ما ذكر الله أحد قط عن غفلة في حال أمر القلب اللسان بالذكر لا في حال ذكر اللسان؛ فلذلك قال في هذه المنازلة: من غار عليَّ لم يذكرني مع أن صاحب هذا المقام أكثر الناس له ذكراً بالصورة؛ لأنه ذكر الله بالله لا بنفسه، ومن ذكَّرته به؛ أي: بنعمته لم تذكِّره فما ذكَّره إلّا بنعمته وإحسانه لا أنت، وأطال في ذلك، والله تعالى أعلم.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية