أدِرْ ذِكْرَ مَنْ أهْوَى ، ولوْ بمَلامِ،
فإنَّ أحاديثَ الحبيبِ مُدامي
لِيَشْهَدَ سَمْعي مَنْ أحبُّ ، وإنْ نأى،
بطَيفِ مَلامٍ ، لا بطَيفِ مَنامِ
فلي ذِكْرُها يَحلو على كلِّ صيغَةٍ،
وإنْ مَزَجُوهُ عُذَّلي بخِصامِ
كأنَّ عَذولي ، بالوِصالِ ، مُبَشِّري،
وإنْ كُنتُ لمْ أطْمَعْ بِرَدِّ سَلامِ
بِرُوحيَ مَنْ أتْلَفْتُ رُوحي بحُبِّها،
فَحانَ حِمامي ، قَبْلَ يومِ حِمامي
ومنْ أجلها طابَ افتضاحي ، ولذَّ لي اطِّرا
حي ، وذلِّي ، بعدَ عزِّ مَقامي
وفيها حلا لي ، بَعدَ نُسْكي ، تهتُّكي،
وخَلْعُ عِذاري ، وارْتِكابُ أثامي
أُصَلِّي ، فأشدو ، حينَ أتلو ، بذِكرِها،
وأطْرَبُ في المِحرابِ ، وهيَ إمامي
وبالحَجِّ ، إنْ أحرَمتُ ، لَبّيتُ باسْمها،
وعنها أرى الإمساكَ فِطْرَ صِيامي
وشأني ، بشأني ، مُعْرِبٌ ، وبما جرى
جَرَى ، وانتِحابي مُعْرِبٌ بهَيامي
أروحُ بقلبٍ ، بالصَّبابَةِ ، هائِمٍ،
وأغْدُو بطَرْفٍ ، بالكآبَةِ ، هامِ
فقلبي وطرفي : ذا بمَعنى جَمالِها
مُعَنًّى ، وذا مُغْرًى بِلِينِ قَوَامِ
ونَوْميَ مَفقُودٌ ، وصُبحي ، لكَ البقا،
وسُهديَ مَوجودٌ ، وشَوْقيَ نامِ
وعَقدي وعَهدي : لمْ يُحَلَّ ولمْ يَحُلْ،
ووَجْديَ وجْدي ، والغَرامُ غَرامي
يشِفُّ عنِ الأسرارِ جِسْمي مِنَ الضَّنى،
فيَغدوا بها ، معنًى ، نُحولُ عِظامي
طَريحُ جَوى حبٍّ ، جريحُ جَوانحٍ،
قَريحُ جُفُونٍ ، بالدَّوامِ دَوَامي
صريحُ هوىً ، جارَيتُ منْ لُطفيَ الهوا،
سُحَيْراً ، فأنْفاسُ النَّسيمِ لِمامي
صَحيحٌ ، عليلٌ ، فاطلُبوني مِنَ الصَّبا،
ففيها ، كما شاءَ النُّحولُ ، مُقامي
خَفيتُ ضَنىً ، حتَّى خَفيتُ عَنِ الضَّنى،
وعَنْ بُرْءِ أسقامي ، وبَرْدِ أُوامي
ولمْ يُبْقِ مِنِّي الحبُّ غَيْرَ كآبَةٍ،
وحُزْنٍ ، وتَبريحٍ ، وفَرْطِ سَقامِ
ولمْ أدرِ منْ يدري مكاني ، سوى الهوَى،
وكِتمانَ أسراري ورعىَ ذمامي
فأمَّا غَرامي واصطباري وسلوتي،
فلمْ يَبْقَ لي منهنَّ غيرُ أسامي
لِيَنْجُ ، خَلِيٌّ مِنْ هَوايَ ، بِنَفْسِهِ
سَليماً ، ويا نَفس : اذْهبي بسَلامِ
وقالَ ، اسْلُ عنها ، لائمي ، وهوَ مُغرَمٌ
بِلَوْمِيَ فيها ، قلتُ : فاسْلُ مَلامي
بمنْ أهتَدي في الحبِّ لو رُمْتُ سَلوَةً،
وبي يقتَدي ، في الحبِّ ، كلُّ إمامِ
وفي كلِّ عُضوٍ فيَّ كلُّ صبابَةٍ
إليها ، وشَوْقٍ جَاذِبٍ بِزِمَامي
تَثَنَّتْ ، فَخِلْنا كلَّ عِطْفٍ تهُزُّهُ
قَضيبَ نقاً ، يَعْلُوهُ بَدْرُ تَمامِ
ولي كلُّ عُضوٍ ، فيهِ كلُّ حشىً بها،
إذا ما رَنَتْ ، وَقْعٌ لكلِّ سِهامِ
ولوْ بسطتْ جسْمي رأتْ كلَّ جوهرٍ،
بهِ كلُّ قلبٍ ، فيهِ كلُّ غَرامِ
وفي وَصْلِها ، عامٌ لدَيَّ كَلَحْظَةٍ،
وساعَةُ هِجْرَانٍ عَلَيَّ كَعَامِ
ولمَّا تَلاقَينا عِشاءً ، وضَمَّنا
سواءُ سبيلَيْ دَارِها وخِيامي
ومِلْنا كذا شيئاً عنِ الحيِّ ، حيثُ لا
رَقيبٌ ، ولا وَاشٍ بِزَوْرِ كَلامِ
فرَشْتُ لها خَدِّي ، وِطاءً ، على الثَّرَى،
فقالتْ : لكَ البُشرَى بِلَثمِ لِثامي
فما سَمَحَتْ نَفسي بذلِكَ ، غَيْرَةً
على صَوْنِها مِنِّي لِعزِّ مرامي
وبِتْنا ، كما شاءَ اقتراحي ، على المُنى،
أرَى المُلكَ مُلكي والزَّمانَ غُلامي
ما هذا القام لو سمحتم؟!
ردحذف