قال سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه في الإرادة والمريد : أمّا الإرادة فترك ما عليه العادة، وتحقيقها نهوض القلب في طلب الحق سبحانه وتعالى وترك ما سواه.
فإذا ترك العبد العادة التي هي حظوظ الدنيا والأخرى، فتجرّدت حينئذ إرادته، فالإرادة مقدمة على كل أمر، ثمّ يعقبها القصد، ثمّ الفعل، فهي بدء طريق كلّ سالك، واسم أول منزلة كل قاصد. وإن حقيقة الإرادة إرادة وجه الله عزّ وجلّ فحَسب، دون زينة الدنيا وزينة الآخرة.
(الإرادة) في اللغة : المطلب، وهو اسم لنزوع النفس إلى شيء من الحكم، أمّا (القصد) فيطلق في الإرادة الحادثة. والإرادة عند الصوفية : الإجابة لدواعي الحقيقة والإقبال بالكلية على الحق، وقيل عند الأولياء : الإرادة التحقق بمشيئة الله حال التحقق بالبقاء، وحقيقة الإرادة إرادة وجه الله، وإرادة وجه الله، لها وجوه وطرق، منها المحبَّة، والصّدق، والمعرفة، لأنّ من أراد شيئاً سعى في قصده وفعله ومن مجاهداته بدافع المحبّة وللتحقّق في ذلك كلّه بواسطة الصدق، ولإدراكه بمعنى الوصول، عليه معرفته، ومحبّة الله تعالى تكون بالعبودية له. وإيثارها على كل شيء آخر، لذا قال :(دون زينة الدنيا وزينة الأخرى) أي بترك كل شيء لتحصيل مطلوبه وهو الإيثار.