قال المشايخ : من أعجب بنفسه حُجبَ عن ربّه، والإعجاب هو رؤية المقام واستكبار القدر والجاه واستكثار الطاعة والنظر إليها ونسيان المعاصي السالفة في جميع العمر بالنظر إلى الطاعة والنظر إليها ونسيان المعاصي السالفة في جميع العمر بالنظر إلى طاعة تندر أحيانا لا بصفة الحضور والإخلاص ولو لم يكن لترك الإعجاب إلا قصة إبليس حيث قال : أنا خيرٌ منهُ، فجرى عليه ما جرى، وقصة قارون حين خرج على قومه في زينته معجبا مفتخراً فخُسفَ به، وقصة فرعون حيث قال : أليس لي ملك مصر، لكان ذلك كفاية في الزجر والمنع. وفي بعض الكتب أن السمكة التي عليها الأرضين أعجبت بنفسها مع ثقلها، فقيّض الله تعالى لها بعوضة لسعت أنفها فأصابها وجع شديد فسكنت، والبعوضة بين عينيها لا تجسر السمك أن تتحرك من خوفها.
من أوصاف العارف أن لا يأخده في الله لومة لائم فيكون بالحق ناطقا، وبحق الله قائماً، وفي دين الله قويًّا، لأن المعرفة تقتضي استصغار الأقدار سوى قدره ومحو الأذكار سوى ذكرهن فإن نطق نطق بالله، وإن سكت سكت به، وأفضل الأشياء كلمة حقّ عند من يُخاف أو يُرجى.
وحكي أنه فيما مضى كانوا يعبدون شجرة فخرج رجل مؤمن من بيته وأخد معه فأساً ليقطع تلك الشجرة غيرة في الدين وحمية، فتمثّل له إبليس في صورة وقال : إلى أين تذهب ؟ فقال : أقطع تلك الشجرة التي تُعبد من دون الله، فقال له : اتركها وأنا أعطيك كل يوم درهمين إذا استيقظت وجدتهما تحت وسادتك، فطمع الرجل فتركها وانصرف. فلمّا أصبح لم يجد تحت وسادته شيئاً، هكذا ثلاثة أيام، فخرج مغضباً ومعه الفأس ليقطعها، فاستقبله إبليس فقال : أين تذهب ؟ فقال : أقطع تلك الشجرة، فقال ارجع فلو دنوتَ منها قطعتُ عنقك، لأنك في المرّة الأولى أتيت حسبة لله فما كان أحد يقدر على منعك، وفي هذه المرة أتيت بداعية الغضب الذي نشأ لك من فوت الحظ في الدراهم فارجع فإنك لا تقدر عليها.