آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب : المنتخب من كتاب التجير للقشيري - 6

ومِن أوصاف العارف أن يحتمل الأذى بطيب نفس من كل الخَلق ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري : "الصوفي من كان دمه هدراً وملكه مباحاً". واعلم أن الخلق في الدنيا جيرانك في السجن أو رفقائك في سفر الآخرة فأَحسَنُهم خُلقا أشرفُهم قدرا. حكي عن مالك بن دينار أنه استأجر داراً من يهودي، فحوّل اليهودي كنيفه إلى بيت يلي جدار تلك الدار، وكان الجدار مشقوقاً، فكانت النجاسة تدخل إلى دار مالك، وتقع في محرابه، وقصد اليهودي بذلك إيذاء مالك، ومالك ينظف محرابه كل يوم من تلك النجاسة ويكنسها ولا يقول لليهودي شيء، فتعجّب اليهودي من صبره، فدخل عليه يوماً وقال : ما الذي صبّرك على مقاساة هذه المشقّة ؟ فقال : قول نبينا صلى الله عليه وسلم : (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) فأسلم اليهودي وحسُن إسلامه. وقال أبو سعيد الخراز : "من الذاكرين من جاوز حد نسيان حظوظ نفسه ووقع في نسيان حظه من الله تعالى ونسيان حاجته منه جلّ ثناؤه فلو تكلمت أعضاؤه وجوارحه ومفاصله لقالت: الله الله الله، حتى أن أحدهم أصاب برأسه حجر فشجّه فوقع دمه على الأرض فانكتب على الأرض الله الله". وحكي أن أبا الحسين النوري بقي سبعة أيام قائماً لم يأكل ولم يشرب ولم ينم وهو يقول الله الله فأُخبر الجنيد بذلك فقال: انظروا أمحفوظ عليه أوقاته أم لا؟ فقيل: إنه يصلى الفرائض فقال: الحمد لله الذى لم يجعل للشيطان عليه سبيلاً ثم قال: قوموا حتى نزوره إما نستفيد منه أو نفيده فدخل عليه وهو في ولهه قال: يا أبا الحسين ما الذي دهاك؟ قال: أقول: الله الله زيدوا علىَّ فقال له الجنيد:انظر هل قولك الله بالله أم بقولك، فإن كان بالله فلست القائل له، وإن كان قولك بنفسك فأنت نفسك فما معنى الوله والحيرة. فقال : نِعْمَ المؤدِّب أنتَ، وسكن ولهه.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية