آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من أراد أن يصفو تسبيحه

وأولى الأشياء لمن يريد أن يصفو تسبيحه أن يجرد قلبه من الأغيار ، ويصون سره عن التدنس بالآثار ، ومساكنة الأشكال والأمثال ، عند هجوم الأشغال ، فإن قيمة توحيد الرجل وقدر معرفته تتبين عند الصدمة الأولى فيما يحل به من البلاء ، فإن فزع إلى الأغيار بقلبه وعلق بالأجناس خواطر لبه ورأى من المخلوقين كشف طوارق كربه ولم يرجع إلا بعد اليأس من الخلائق إلى ربه ، علم تقاصر رتبته ، وخساسة منزلته ، وبعده من الله في خصائص حفظه وعصمته.

ومن أعرض عن الأسباب ، ولم يعرج على الاستعانة بالأحباب ، ولم ينثن قلبه في اعتقاده واستناده إلى الأصحاب ، كفى المهمات ، وخيرت له الخيرات ، وتنكبته الأوقات ، ومن صح بالله توسله وحق على الله توكله كفته كفاية ربه وتفضله.

وقد حكي عن بعض المشايخ أنه قال: كنت أخدم شيخا بطرطوس ، فولدت له بنية في آخر عمره ، فلما قربت وفاته استوصيته فيها ،فقال لي: تحملها إلى مكة في الموسم وتدعها في الحجر وتنصرف ، فلما توفي الشيخ امتثلت أمره ، وكنت أنظر من بعيد أرقب حالها كيف يصير؟ فمر بها خادم للخليفة فاستحسنها وأخذها ، فدخلت بغداد بعد ذلك بمدة طويلة فرأيت البلد قد زُين ، فسالت عن السبب فقيل : إن خادما للخليفة رجع بصبية من الحج التقطها فاستظرفتها أم الخليفة فتبنتها ، فلما كبرت زوجتها من ابن الوزير وجهزتها بعشرين ألف دينار ، فعلمت عند ذلك صدق إشارة الشيخ.

وتقديس الأفعال عن الآثام وصف كل غاية ، وتنزيه الأموال عن الحرام شرط كل زهد ، وتصفية الأحوال عن مشاهدة الآثار حق كل واحد ، فمن قدس أفعاله نجا من عقوبته ، ومن طهر أمواله وصل إلى مثوبته ، ومن قدس أحواله فاز بقربته ، والامان من العقوبة لمن طلب النجاة ، والظفر بالمثوبة لمن ابتغى الدرجات ، والتحقق بالقربة لمن أخلص مع الله المناجاة.

شرح القشيري لأسماء الله الحسنى

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية