آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مشاركة أهل الحق في الرتبة


اعلم يا فقير أن صاحب الصدق الحقيقي هو الذي يعرف الرجال بالحق، لا من عرف الحق بالرجال، نعني أن معرفة الحق من الباطل لا تكون إلا بمشاركة أهل الحق في رتبة الحق، فإنك بوجود المشاركة في الرتبة تكون عارفا للحق معرفة اليقين، تعطي المراتب حقها، ولا تلتبس عليك أحوال المقامات، إذ قد علمت أن كل مقام له حلة من حلل العبودية تليق به، ولا يُعرف ذلك إلا بوجود المشاركة في الرتبة، وأما إذا لم تحصل المشاركة، وجعل الإنسان يزن على صاحب الرتبة بما سطره الناس وقيدوه، فإن ذلك لا ينضبط له ولا تستقيم له القواعد الخارجية فيما يراه، لأن ذلك ظن وتخمين، إذ قد قدمنا أن الأحوال تختلف باختلاف المقامات، والمقامات تختلف باختلاف التجليات، والتجليات تختلف باختلاف القوابل،(قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ) إذ ما تجلى الحق سبحانه لولي بمثل ما تجلى به لآخر.

وهكذا تحقيق أحوال المنازلات لا يكون إلا بوجود المشاركة، وأمّا بدونها فالغالب على من كان مستشرفاً الظنون والشكوك والأوهام، وأما من لا استشراف له فلا كلام معه. فالفقير الصادق هو الذي خرج من ربقة التقليد وصار يمد بعيونه المتفجرة من قلبه حيث يقرّ كل حال يراه من أهل بلده التي هو فيها. وهذا هو الذي عرف الرجال بالحق فلم يلتبس عليه شيء. وأمّا غيره فلا زال في دائرة الحيرة، تائهاً في واد السكرة، لأنّ أحوال الرجال لا تنضبط في فهم ولا تنحصر في تقييد لخروجهم عن دائرة التقييد والإطلاق فافهم.

بغية السالك وإرشاد الهالك

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية