آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح صلاة القطب ابن مشيش لابن عجيبة - 8

ثم شرع في الدعاء باللّحْقِ به، يكون على قدمه، وهو أعظمُ الولاية فقال : (اللّهمَّ أَلْحِقْنِي بِنَسَبِهِ) الطّيني والدّيني، يكون على قدمه، وأراد دوامه على متابعته عليه السلام، وإلاّ فلا ينفعُ النّسبُ، مع عدم الأدبِ، و(حَقِّقْني) أي خلّقني "بحَسَبه" أي بخلُقه الحَسَبِ؛ وهو ما يفتخر به الإنسان من مكارم الأخلاق وأراد رضي الله عنه أن يكون على قدمه صلى الله عليه وسلم، فإن الأولياءَ رضي الله عنهم، منهم من يكون نوحياً ومنهم من يكون إبراهيمياً، ومنهم من يكون موسوياً، ومنهم من يكون عيسَوياً، ومنهم من يكون محمَّديّاً؛ وهو أعظمهم لجمعِه ما افترق في غيره. وقد حقّق الله رجاءَه، وأجاب دعاءَهُ. فقد تغلغل رضي الله عنه في علوم القوم، التي مدارها على التخلق بأخلاق الرحمن، ونال من ذلك الحظَّ الأوفر.. وقد تقدّم في ترجُمَتِه من كلامه ما يحقّقُ ذلك، نفعنا الله بمحبّته آمين.
وغنما عبّر بالتحقيق، دون التخلّقِ، لأنّ التخلق يكون مجاهدةً وكسباً، والتحقق يكون غريزةً وتمسّكاً، ثم طلب معرفتَهُ عليه السلام، المعرفة الخاصّة فقال :(وعرِّفْني إِيَّاهُ). طلب معرفته عليه السلام، قبل أن يطلبَ معرفة الله لأنه الواسطة، فلا يدخل على الله إلاّ من بابه؛ لأنّ منْ عرفَهُ عليه السلام المعرفة الخاصّة بادَرَ إلى خِدمتِهِ ومحبَّتهِ، فيُدْخِلَهُ على ربِّهِ بنَفسِهِ، أو بشيْخٍ يَهْديهِ إليه، وأتى الشيخ رضي الله عنه، بضمير النبي صلى الله عليه وسلم مُنفصِلاً، وإن كان الاتّصالُ أرجح عندَ النّحاة، أدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لو قال : وعرِّفْنِيهِ، كما هو الأرجَحُ، لكان ضميره عليه السلام، متَّصلاً بضمير الشّيخ، فيفوتَهُ الأدَبُ، إذ المصطفى ينبغي أن يكون غيرُهُ متّصلاً بهِ، لاَ هو متّصلاً بغيرِهِ.

فما أحسن أدبَهُ ! ثم ذكر نتيجة المعرفة به عليه السلام فقال :(مَعْرِفَةً)كاملة،(أَسْلَمُ بِهَا) أي بسببها (مِنْ مَوَارِدِ الجَهْلِ) أي من الوقوع في شيء من الجهل. أي جهل كان. فالوُرُودُ هو الشُّرْبُ، والمَوْرد هو محلُّ الشُّرب، ويُجمع على مَوَارد. شبّه رضي الله الجهلَ بماء قبيح، وسأل الله تعالى أن يُسلِّمَهُ بمعرفته عليه الصلاة والسلاممن الوقوع في مَشرَبه، أو في القُربِ منه؛وهو الشُّربُ من موارد العلم النافع.


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية