وتركَ زوجته "كَنْزَةَّ" حاملةً منه في الشهرِ السّابع وحَمَلَها ووَضَعَتْ بعد التَّمام فَسُمِّيَ على اسمِ أَبيهِ "إدْرِيسْ" ثمَّ بايعهُ القبائل والبرابرُ ومدينةَ وَلِيلِي وغيْرِهَا بَعدَ أن قرأَ القُرآن والعِلْمَ كُلَّهُ فِي إِثْنَى عَشَرَ سَنَةً، وَمَولاهُ رَاشِدٌ يَحكُمُ سُلْطاناً حتَّى كَبُرَ مَوْلَاي إِدْرِيسُ وهوَ الأصْغَرُ، يُقالُ لهُ الأَنْوَرْ وَالأَزْهَرُ.
قال صاحبُ الحديث : ثمَّ أَمَرَ رحمَهُ اللهُ بالبُنْيَانِ لِمَدِينَةِ فَاسْ، وَأَعانَهُ اللهُ عَلَيْهَا حَتَّى بَنَاهَا وَكَمَّلَهَا.
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ تِسْعَةَ وَعِشْرِينَ سَنَة.
وَوُلِدَ سَنَةَ سِتَّةَ وَسَبْعِينَ وَمائَة ثمَّ تُوفيَ رَحِمَهُ اللهُ بِحَبَّةِ مِنْ عِنَبٍ مَحْلُولُ الْفَمِ سائِلُ الطَبِ بَعْدَ مَا اسْتَقَرَّ بمدينة فاس المذكورة.
وَتَرَكَ رَحِمَهُ اللهُ إِثْنَا عَشَرَ وَلَدًا ذكوراً : مُحَمَّدُ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللهِ، وَعِمْرَانُ، وَعُمَرَ، وَعِيسَى، وَدَاوُود، وَيَحْيَى، وَأَبُو القَاسِمْ، وَحَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ، وَكَثِيرْ.
وَأَمَّا أَوْلَادُ مَوْلَانا إِدْرِيس المَذْكُور فَنَسْلُهُمْ وَسُلَالَتَهُمْ شُرَفَاء إِدْريسَيْنْ حَسَنَيْنِ.
قال صاحِبُ الحَديثِ : فَتَوَلَّى مُحَمَّد الخِلَافَةَ وَقَسَّمَ عَلَى إخْوَانِهِ البِلَادَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا إدْرِيس الأَنْوَرْ بِرَأْيِ جَدَّتِهِمْ وسَيِّدَتِهِمْ "كَنْزَةُ" المَذْكُورَةُ أَوَّلاً، فَأَعْطَى لِعِمْرَانَ بَادَبادَسْ وَأَحْوَازِهَا، وَأَعْطَى لِعُمَر تِجَسَّاسْ وَأَحْوَازِهَا، وَأَعْطَى لِأَبِي القَاسِمِ سَبْتَةَ وَأَحْوَازِهَا، وَأَعْطَى لِأَحْمَدَ الْهِبْطِ وَجِبَالِهَا، وَأَعْطَى لِعَلِي تَافِلَالَتْ وَأَحوَازِهَا، وَأَعْطَى لِدَاوُودَ تِلِمْسَانْ وَأَحْوَازِهَا، وَمَالِقَة وَغَرْنَاطَةَ وَطَرِيف وَجَبَلِ الفَتْحِ لِكَثِير.
فَهَذِهِ جُمْلَةُ سَادَاتِنَا الشُّرَفَاء فَآوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى بِلَادِهِ وانْتَسَلَ نَسْلُهُ هُنَالِكَ.