آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التربية والسير والسلوك

اعلم، أيها الراغب في سلوك طريق المواهب، أن السير فيه، سير باطني، غير محسوس، ويكون أولاً، بالمجاهدة في النفوس، وقد درج أهل العبور في ميادينه ذات النور، على تخريب العادات السيئة، وتهذيب النفس بالرياضات والعبادات.

وأول ما يأمرون به المريد : التربية، بالتخلية والتحلية، بعد أخذ العهد عليه، أن لا يخالفهم فيما يدعونه من المبرات إليه، وأن يكون عندهم كالميت بين يدي الغاسل، يقلبه كيف شاء.

وهو مقبل على أمره غير كاسل، يحضون على تصحيح العقيدة، لتكون أعماله بعد صحتها مفيدة، فإن من فسدت عقيدته - والعياذ بالله - انطمست بصيرته، وضلَّ، وتاه، وكان بناؤه على شفا جرفٍ هارٍ، وواهٍ.

ويحثونه على القيام بالأوامر الشرعية، وترك النواهي التي للشارع مرعية، ثم بعد الاستقامة على الشريعة الغرّاء، يأمره بالأخلاق المرضية، سراً وجهراً، وبالذكر الجهري أولاً، ثم الخفي ثانياً، ليتنور به الظاهر والباطن، ويشرق لبه وقلبه، ويستنير من اللطائف المواطن.

وهذا إذا رآه صادقاً في الطلب، رغباً في التأدب بآداب أهل المشرب مقبلا بكله، متوجهاً لربه، بذله، فارغاً عن الشواغل والأغيار، مملوءاً بالمآثر.
 فمن ارتقى فيه إلى درجة علم اليقين، سلم من داء العجب والرياء وأشباههما، بيقين.
ومن وصل فيه إلى رتبة عين اليقين، دخل الجنة المعجلة، للمتقين.
ومن جاوزها إلى منزلة حق اليقين غاب بشهود أفعال الحق عن شهود أفعال المكلفين، ولم ير إلا الفاعل المختار، آناء الليلِ وأطراف النهار.
ولهذا الشُّهود، رواف ممدود، وأذواق علية، وأتواق جلية، ولا تدرك بعض هذه الأذواق إلاّ بالجدِّ والاجتهاد، على طريقها المعتاد بالتوجيهات والمنازل القلبية الواسعة، أردان الإمداد، لا بمجرد العلم، فإن الذوق فوقه بدرجات، تعنى وتراد، وتبدو لدى صقال مرآة البصيرة، بالأذكار والأوراد.

وهذا حال الصوفية، أهل المراتب الوفية، المتخلقين بالأخلاق المحمدية، من رضا، وعفاف، وصبر، وكفاف، وغير ذلك من سمات مرضية، مصاحبة لهم كل حين، إلى أن يدركهم، داعي اليقين، وهو الموت الحقيقي، لا المجازي.

تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية