آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب : التحقيق فيما ينسب لأهل الطريق


مخطوطة : التحقيق فيما ينسب لأهل الطريق 

تأليف : خوقير أبو بكر بن محمد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يهدي إلى سبيله من جاهد فيه، والصلاة والسلام على أشرف الخلق على الإطلاق المبعوث بخير الهدي ليتمم مكارم الأخلاق، وعلى آله أهل بيته وعترته الطاهرين وصحابته المهتدين والتابعين لهم إلى يوم الدين.

أما بعد فقد سألني بعض الإخوان أصلح الله لي ولهم الحال والشأن عن أشياء مما ينسب إلى أهل الطريق، وطلب مني أن أنقل له ما ذكره أهل التحقيق، فأحجمت زمنا طويلا، حتى عرضت لي مسائله في جملة الأوراق، فبدا لي الكتابة فيها وإجابة السائل عنها رغبة في النفع العام، وجمع الأوابد المتفرقة في هذا المقام، مع التوفيق بين كلام القوم وأهل الحديث، والتوسط في السير بين البطيء والحثيث، والفرط والمفرط ،والغالي والجافي، فكتبت هذه الرسالة ناقلا فيها من عبارات الطرفين ما تقر به العين، مؤيدا بنصوص الفقهاء من المذاهب الأربعة والبراهين القاطعة بغاية الإيضاح والتفصيل، وكشف ما يسلكه البعض من التبليس والتضليل راجيا أن تحل محل القبول عند ذوي العقول والمنقول. ورتبتها على مقدمة وست فصول وخاتمة، وسميتها :(التحقيق فيما ينسب لأهل الطريق) وأسأل الله الإخلاص والتوفيق إلى أقوم طريق. وها أنا أشرع في الفصول بحول الملك المعبود فأقول :

المقدمة


فألفاظ يكثر استعمالها ويحتاج إلى بيانها، كمقام بذكر قواعد ينبني عليها الكلام، منها علم الباطن وعلم الظاهر، فالأول هو ما باشر القلب ورسخَ فيه فأقر فيه معرفة الله وعظمته، وخشيته وإجلاله، وتعظيمه ومحبته، ومتى سكنت هذه الأشياء في القلب خشع فخشعت الجوارح كلها تبعا لخشوعه، وتنوعت لصاحبه معارف من أعمال قلبه وهي كثيرة، فيقال علم القلب. والثاني علم الظاهر مما يصدر على اللسان من الفتاوى والأحكام ، والحلال والحرام، والقصص والوعظ وغيره، قال الحسن : العلم علمان علم على اللسان فذاك حجة الله على ابن آدم، وعلم في القلب فذاك العلم النافع. وقد تعوذ صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، وفي حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم : سلوا الله علما نافعاً وتعوذوا بالله من علم لا ينفع.وغير ذلك مما يدل على أن العلم الذي لا يوجب الخشوع للقلب فهو علم غير نافع. ولم يقسم بعض العلماء العلم إلى باطن وظاهر إلا باعتبار التقرير السابق والمفهوم من الأحاديث من تقسيم العلم إلى نافع وغير نافع. كتب وهب ابن منبه  إلى مكحول : "إنك امرء قد أصبت بما ظهر من علم اللسان شرفا، فاطلب مما بطن من علم الإسلام محبة وزلفى". وفي رواية أخرى أنه كتب إليه : "إنك قد بلغت بظاهر علمك عند الناس منزلة وشرفا، فاطلب بباطن علمك عند الله منزلة وزلفى، واعلم أن أحد المنزلتين تمنع الأخرى" كما نقله الحافظ بن رجب، قال : فأشار وهب بعلم الظاهر إلى علم الفتاوى والأحكام، وحلال وحرام ،والقصص والوعظ، وهو ما يظهر على اللسان، وهذا العلم يوجب لصاحبه محبة الناس له وتقدمه عندهم، محدّرا من الوقوف عند ذلك والركون إليه، والالتفات إلى تعظيم الناس ومحبتهم، فإن من وقف مع ذلك فقد انقطع عن الله وانحجب بنظره إلى الخلق عن الحق، وأشار بالعلم الباطن إلى العلم الذي يباشر القلوب فيحدث لها الخشية والإجلال والتعظيم، وأمره أن يطلب بهذا الجنة من الله والقرب منه والزلفى لديه.


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية