الذكر
في اللغة : ذَكَرَ الله : أثنى عليه. ذَكرَ النعمة ك شكرَها. ذِكْرٌ.
في القرآن الكريم : وردت مادة (ذ ك ر) في القرآن الكريم (274) مرة على اختلاف مشتقاتها، منها قوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. [الرّعد : /28]
في الاصطلاح الصوفي :
أولاً : بمعنى الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ أحمد الرفاعي الكبير قدس الله سره في "البرهان المؤيد" : الذكر : صلى الله عليه وسلم : كونه شهد الأشياء بالنور، فنزل من فوق إلى أسفل، نزل إلى ما بالنور ظهر من الأشكال والصور، فاستحق أن يتقدم في التعليم والسر وأرباب الاستدلال ليوضح لهم ما خفي واستتر.
ويقول الذكر : صلى الله عليه وسلم : هو جُنَّة من كل نازلة سماوية وحادثة أرضية.
وقال الشيخ أبوعبد الله الجزولي : الذكر : صلى الله عليه وسلم : إن من رآه صلى الله عليه وسلم، أو سمع باسمه صلى الله عليه وسلم أو أحواله، أو أخلاقه الحميدة : ذكر الله، وحمده، وأثنى عليه بما هو أهله، فكان وجوده سبباً في ذكرِ الله، لأن ذاته توجب ذكر الله، وصفاته توجب توحيد الله، وأفعاله تدل على الله، وأقواله تأمر بذكر الله. فكان صلى الله عليه وسلم ذَكر الله في كل أفعاله وأحواله وصفاته ونومه ويقظته. [جواهر البحار في فضائل النبي المختار]
وقال الشيخ جلال الدين السيوطي في "الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة" : الذكر : صلى الله عليه وسلم : سمي بهذا الاسم لأنه شريف في نفسه، مشرِّف غيره، يجز عنه به، فاجتمعت له وجوه الذكر الثلاثة، وهو مأخود من قوله تعالى :{قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولا}.
ثانيا : بالمعنى العام
قال الشيخ ذو النون المصري : الذكر : غيبة الذاكر .
وقال الشيخ أبو سعيد الخراز : الذكر : هو اسم جامع لأعمال القلوب كلها من مقامات اليقين ومشاهدة العلوم من الغيب.
ويقول : الذكر : هو الإيمان والعلم.
وقال الشيخ سهل بن عبد الله التستري حين سئل ك ما الذكر ؟ قال : الذكر : الطاعة. قيل وما الطاعة ؟ قال : الإخلاص. قيل : ما الإخلاص ؟ قال : المشاهدة. قيل : ما المشاهدة ؟ قال : العبودية. قيل : ما العبودية ؟ قال : الرضا. قيل ما الرضا ؟ قال : الافتقار. قيل : ما الفتقار ؟ قال : التضرُّع والالتجاء، سلم سلم إلى الممات.
قال الإمام الجنيد قدس الله سره : الذكر : هو منشور الولاية، فمن أُعطي المنشور فقد أعطي الولاية، ومن سُلب المنشور فقد سُلب الولاية.
قال الشيخ عبد الله الخراز الرازي : الذكر : هو طعام العارفين.
قال الشيخ فارس البغداددي : الذكر : هو طرد الغفلة، وليس للمذكور من الذكر إلاّ حظ الذاكر منه، وكل من ذكره فبنفسه بدأ، لأن ثمرته عائدة عليه، والحق وراء ذلك.
قال الشيخ أبو نصر الجوهري : الذكر : هو العروة الوثقى، والطريق الذي لا يضل من سلكه، ولا يشقى، إذ لا يصل المحب الصادق إلا بملازمة ذكره، ولا يعتمد المريد السالك إلاّ على مداومة شكره، وهو حصن الله الأعظم الذي من دخله كان آمناً من شياطين الإنس والجن.
وقال الإمام النووي : الذكر : هو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يقفله العبد بغفلته.
قال الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي : الذكر : هو نار ونور، فبنوره يسكن القلب، وبناره تحترق كثافة الوجود، فيزول منه الخشونة الأصلية واليبوسة الجبلِّيَّة، فيخرج من آثار الصفات البشرية فيخفف عن الأثقال الترابية، فيعلق قلبه عن الأرض والملكوت إلى سماء الربوبية.