اعلم أن أهل الظاهر ما استقام مُلكهم واستوى إلا بالأدب والتعظيم للخلق ومع الخلق. وكذلك أهل المُلك الباطني ما استقام ملكهم واستوى إلا بالأدب والتعظيم للملِك الحق. صار حُكمهُما واحداً، ولكن هذا للخالق، وهذا للمخلوقين، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
واعلم يا أخي شتّان بين مَن عرف الله تعالى في كل شيء وهم العارفون، وبين مَن عرفه في شيء دون شيء وهم عوام الناس، والتعظيم به تكون البدايات وإليه تكون النهايات.
والتعظيم هو الأساس، فمن لم يجد في قلبه تعظيماً فليعلم أنه ناقص أدب منعدم السير والسلوك إلى ربه، والمدد بقدر التعظيم، فالمريد إذا أعطي التعظيم في شيخه وإخوانه وسائر الخلق أجمعين أعطي الفتح الكبير من ربه.
واعلم أنه بالأدب الظاهر يحصل الأدب الباطن، أعني التعظيم، إذ سوء الأدب ينشأ من عدم التعظيم وعدمُ التعظيم من قلّة المحبة، فلو حصلت المحبة لحصل التعظيم وحصل معه الأدب والتحقيق.