ثمّ للقرآن أسماء سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى واثلةُ بن الأسقع أنّ النبي عليه السلام قال : (أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ الطُّوَل ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ المِئِين ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ).
وأمّا السَّبْعَ الطُّوَل فآخرها سورة براءة وكانوا يَعُدُّون براءة والأنفال سورةً واحدةً لأنهما نزلتا في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
ورُوي عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنْ الْمِئِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كان رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، فكَانَ إِذَا نزلَ عَلَيْهِ شيْءُ دعا بَبعْضَ مَنْ كانَ يَكْتُبُ فيَقُولُ : ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَكانت بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، وكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهةٌ بِقِصَّتِهَا فظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ أجل ذلك قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ.
وأمّا المِئِين فهي مما يلي السبع الطُّوَل مما يزيد آياته على مئة أو يقاربُها.
والمثاني ما ولى المِئِين، كأنّ المِئِين مبادٍ وهي مثانٍ، وقد مضى القول فيه.
وأما المفصّل فهي قصار السور سُميت مفصَّلاً لكثرة الفُصول التي بين سورها ب{بِسْمِ اللهِ الَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
وكان ابن عمر يكره أن يُسمِّي السور القِصار مُفصَّلة، ويقول جميع القرآن مُفصَّل مُبينٌ قال الله تعالى : {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت : 3].
وخالفه الباقون كابن مسعود وغيره وقالوا : يجوز ان يكون الجميع مُفصَّلاً ثم يُسمَّى بهذا الاسم كما أنّ جميعه محكَمٌ ثم يُسمَّى بعضه محكماً قال الله تعالى : {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ} [آل عمران : 7].
وقد قال {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود : 1].
وقد قال {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود : 1].