سُئل رضي الله عنه عن التجريد
فقال : هو تجريد السر عن التدبر بثبات السكون عن طلب المحبوب وتعري عن التزمل بلباس الطمأنينة على مفارقة المحدود والرجوع من الخلق إلى الحق منيباً.
وسُئل رضي الله عنه عن المعرفة
فقال : هي الاطلاع على معاني خفايا مكامن المكنونات وشواهد الحق في جميع المشيات بتلميع كل شيء منها على معاني وحدانية واستدراك علم الحقيقة في فناء كل فان عند إشارة الباقي إليه بتلويح هيبة الربوبية وتأثير أثر البقاء فيما أشار إليه الباقي بتلميع جلال الألوهية مع النظر إلى الحق بعين القلب.
وسُئل عن قطع طريق العشق
قال رضي الله عنه : الحلاج قطع طريق العشق وأخذ منه جوهرة سر المحبة وأودعها في أخفى مكامن خزانة قلبه مشيرا لحاله فلما قابل بصر بصيرته شعاع نور جمالها عمى عن النظر الى الموجودات فظن المكان من الأعيان فاعترف بالأخذ فاستحق قطع اليد والقتل وحياتك من ملك تلك الجوهرة لا يقنع الا بأوفى درجات المحبة وهي الفناء وأبو يزيد دل بتصريحه على محبته ولا أنبأ عن عشق إنما كان وقع عليه غبار تعب الطريق بعد تحكمه في غايات درجات النهايات فقال : سبحاني شكرا للوصول واما بنعمة ربك فحدث ، وايضا الحلاج لما وصل الى الباب وطرقه ونودي يا حلاج لا يدخل هذا الباب الا من تجرد عن الصفات البشرية وفنى عن سمات الآدمية فمات حبا وذاب عشقا وسلم روحه لدى الباب وجاد بنفسه عند الحجاب فوقف في مقام الدهشة على اقدام الحيرة فلما اخرسه الفناء انطقه السكر فقال :{ أنا الحق } فأجابه حاجب الهيبة اليوم قطع وقتل وغدا قرب ووصل فقال بلسان حاله { فما غلت نظرة منهم بسفك دمي } فخرج له أبو يزيد من داخل الباب وقد طاب منزله واخضر مرتعه وقد ضربت نوبته بالقرب بيد القدرة في ذلك الفناء ونصبت سرادقات المشاهدة بسابق العناية في ذلك الحمى له لسانان ينطقان ونوران يشرقان لسان ينطق بطرب التمجيد ولسان ينطق بحقائق التوحيد فترنم لسان طرب تمجيده فقال : ما نظرت الى شيء إلا رأيت الله قبله ، فأجابه لسان حقائق توحيده سبحاني فصاح نور الوجدان أن القرب أفناني ثم احياني ونادى نور الوصل انا الحق ابقاني ثم رقاني فسبحاني لدياني ورحماني.
فيا دارها بالحزن ِ,إنَّ مزارها قريبٌ , ولكن دونَ ذلك أهــــوال
وأيضاً الحلاج لما وصل إلى الباب و طرقه نودي : يا حلاج لا يدخل هذا الباب إلا من تجرد عن صفات البشرية ، و فني عن سمات الآدمية ، فمات حبّاً وذاب عشقا ، و سلم روحه لدى الباب، و جاد بنفسه عند الحجاب، فوقف في مقام الدهشة على أقدام الحيرة ، فلما أخرسه الفناء ، أنطقه السكر، فقال : أنا الحق، فأجابه حاجب الهيبة : اليوم قطع و قتل، وغدا قرب ووصل.
فقال بلسان حاله : (فما غلت نظرة منهم بسفك دمي) فخرج له أبو يزيد من داخل الباب، وقد طاب منزله، واخضر مرتعه، وقد ضربت توبته بالقرب، بيد القدرة في ذلك الفناء، ونصبت سرادقات المشاهدة، بسابق العناية في ذلك الحمى، له لسانان ينطقان، ونوران ينطقان، ونوران يشرقان، لسان يطرق بطرب التمجيد، ولسان ينطق بحقائق التوحيد، فترنم لسان طربه تمجيده، فقال : ما نظرت إلى شيء إلاّ رأيت الله قبله، فأجابه لسان توحيده سبحاني، فصاح نور الوجدان أن القرب أفناني ثم أحياني.
وأيضاً الحلاج لما هاجت بلابل أشواقه ، و اضطرمت نيران إحراقه، طلبَ الوصول فأُجلس على بساط الامتحان ، و قيل له : يا ابن منصور ، إن كنت صادقا أو محبا بائعا ، فابذل نفسك النفيسة، وروحك الشريفة في الفناء ، لتصل إلينا ، فقابل الأمر بالطاعة ، و قال : أنا الحق ، ليقبلَ في هذه الساعة " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ".
وإبليس لما كان قوله : أنا عصيان ومخالفة للمراسم، قيل : اسجدوا، قال : أنا خير منه، فاستحقّ البعاد ألا يعلم من خلق.
وأيضاً الحلاج غلب على سويداء قلبه سكر المحبة ، و قهر سرّ سرائره سلطان العشق فقال من حيرة الطلب : أنا .. وإبليس دخلتْ نخوة الكبر في هامة همّته ، و جرت خزانة السر مع أنفاس نفسه، فقال : "أنا خير منه" فمن غلب عليه سكر حب مولاه ، جدير أن يُمنح بوصله وقربه، ومن نظر إلى نفسه بعين العجب، حقيق أن يقطع رأس كبره بسيف الطرد .
فقيل له : ما سر قول هذا أنا الحق، وما قول حقيقة ذلك سبحاني، فقال رضي الله عنه : ما أرى كفواً أجلو عليه هذه الأفكار، ولا أميناً أكشف له هذه الأسرار.