آخر الأخبار

جاري التحميل ...

إمتاع الأشباح لاقتناص الأرواح

إمتاع الأشباح لاقتناص الأرواح

كثر حديث الناس عن السماع الصوفي .. يستعمل هذا العنوان استعمالات شتى دون النظر إلى حقيقته باعتباره سماعاً عن الحق. دلالات السماع المجرد تنصرف إلى الإصغاء والإنصات والطاعة والإجابة والتقبل والإحساس بالأذن والفهم والإدراك والانقياد ومخالفة القياس..

المسموعات لا تخرج عن كونها إما ضجة تحدث عن اهتزازات غير منتظمة، أو صوتاً يحدث عن اهتزازات منتظمة.

وأما السماع الصوفي فدلالته محددة في كونه واردَ حقّ يزعج القلوب إلى الحق، أو غداء الأرواح لأهل المعرفة أو تزكية للجسد من الهزل واللهو، أو اسجماماً من تعب الوقت .. وغير ذلك من التعريفات.

استوقفني في مطالعاتي لمعنى السماع الصوفي ثلاثة تعريفات :

التعريف الأول للشيخ جلال الدين الرومي الذي يعتبر السماع :"ذرة من رقصة أبدية كتب على الروح أن يلتقي بها يوما .. كل المخلوقات ترقص رقصتها الكونية حتى العظام في قبورها، وحتى الأجنة في بطون أمهاتها ..".

قف : الكون يرقص لأنه يسمع عن الحق !

والتعريف الثاني لابن الدراج السبتي الذي يعتبر السماع : 
"إدراك الغيوب بسمع القلوب ..
تفهم الفؤاد لحقائق المراد ..
الوقوف على إشارات الحق عند وجود عبارات الخلق ..
إصغاء القلب إلى خطاب الغيب ..
سفيراً يؤدي رسائل الغيب ..
 دليلاً ينفي دواعي الريب ..
غداءَ الأرواح وشفلءها ..
رُوحَ القلوب وضياءها .."

قف : السماع سمع وإصغاء وتفهم ورسائل وغداء !

والتعريف الثالث لسيدي أحمد بن عجيبة، الذي اعتبر السماع : "راحاً تشربه الأرواح بكؤوس الآذان على معاني الألحان .. ولكل امرئ ما نوى؛ ماء زمزم لما شرب له، وهذا لما سمع له".

قف : السماع خمرة الأرواح .. معاني الألحان وليس الألحان في ذاتها.

في ضوء هذه التعريفات، نتبين أن السماع له علاقة مباشرة بالقلب وليس الأذن؛ لأن هذه الأخيرة حظها نقل التكليف، بينما القلب هو محل التكليف.

ننتهي من هذا إلى أن ما يتداول من "سماع صوفي" خارج هذا السياق العرفاني هو خارج التغطية بتوكيدين لفظي ومعنوي.

د. عبد اللطيف شهبون
كتاب : أريج اتّصالي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية