في بيان زكاة الشّريعة والطّريقة
زكاة الشّريعة : هي أن يعطي من كسب الدّنيا إلى مصارفه مؤقتة معينة في كل سنة مرّة من نصاب معيّن.
أمّا زكاة الطريقة : فهي ان يعطي من كسب الآخرة كلّه في سبيل الله إلى فقراء الدّين والمساكين الأخروية.
والزكاة زكاة الشريعة : سمّيت صدقة في القرآن كما قال الله تعالى : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ...} [التوبة : 60]، وإنّما سمِّيت صدقة لأنّ الصّدقة تصل إلى يد الله قبل أن تصل إلى يد الفقراء، والمراد منه قبول الله تعالى.
وزكاة الطّريقة : فهي مؤيّدةن وهو أن يعطي ثواب كسب الآخرة للعاصين لرضاء الله تعالى، فيغفر الله تعالى لهم مثل ثواب الصّلاة والزّكاة والصّوم والحجّ، وثواب التّسبيح والتّهليل، وثواب تلاوة القرآن والسّخاوة وغير ذلك من الحسنات، فلا يُبقي لنفسه شيئاً من ثواب حسناته، ويُبقي نفسه مفلساً، فالله يحب السّخاوة والإفلاس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المُفْلِسُ فِي أَمانِ اللهِ فِي الدَّارَيْنِ).
فالعبد وما في يده كان لمولاه، فإذا كان يوم القيامة أعطاه الله تعالى بكلّ حسنة عشر أمثالها كما قال الله تعالى : {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا...} [الأنعام : 160].
وفي معنى الزّكاة أيضاً : تزكية القلب من صفة النَّفس كما قال الله تعالى : {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً...} [البقرة : 245]، والمراد من القرض : أن يعطي ما له من الحسنات في سبيل الله تعالى إحساناً إلى خلقه لوجهه الكريم، وشفقته بلاَ مِنَّة كما قال الله تعالى : {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ} [البقرة : 264] ولا طلب عوض في الدُّنيا؛ وهذا من قسم الإنفاق في سبيل الله تعالى : {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران : 92].