قال الشيخ رحمه الله: وقد غلطت جماعة من البغداديين في قولهم : إنهم عند فنائهم عن أوصافهم، دخلوا في أوصاف الحق، وقد أضافوا أنفسهم، بجهلهم إلى معنى يؤديهم ذلك إلى الحلول، أو إلى مقالة النصارى في المسيح عليه السلام." وقد زعم أنه سمع عن بعض المتقدمين أو وجد في كلامه أنه قال في معنى الفناء عن الأوصاف والدخول في أوصاف الحقّ".
فالمعنى الصحيح من ذلك : أن الإرادة للعبد، وهي من عند الله : عطية ، ومعنى خروج العبد من أوصافه والدخول في في أوصاف الحق : خروجه من إرادته ودخوله في إرادة الحق وبمعنى أن يعلم أن الإرادات : هي عطية من الله تعالى، وبمشيئته شاء وبفضله جعل له ما بعطية ذلك قطعه عن رؤية نفسه حتى ينقطع بكليته إلى الله تعالى : وذلك منزل من منازل أهل التوحيد .
وأما الذين غلطوا في هذا المعنى: إنما غلطوا بدقيقة خفيت عليهم، حتى ظنوا أن أوصاف الحق هي الحق، وهذا كله كفر، لأن الله تعالى، لا يحل فى القلوب، ولكن يحل في القلوب الإيمانُ به، والتوحيدُ له، والتعظيم لذكره، بمعاني التحقيق والتصديق.
ولا فرق في ذلك بين الخاص والعام، غير أن للخاصة معنى ينفردون به وهو مفارقتهم دواعي الهوى، وإفناء حظوظهم من الدار وما فيها وخلوص أسرارهم بمن آمنوا به.
وسائر العوام محجوبون عن هذه الحقائق بانقيادهم للهوى ومطاوعتهم للنفوس. فهذا هو الفرق بين الخاص والعام في هذا المعنى.