اعلم أن الإنسان ليس عنده خصيم أعظم من نفسه. إذا غلب نفسه، غلب الأكوان وما احتوت عليه، وإذا لم يغلب نفسه فهو مغلوب بكل شيء . وليس غلبُ النفس هو صرفها عمّا تريد، بل النفس لا تُغلب أبدا حتى تشاهد مولاها .
من يقدر على غلبة النفس وهي تعدل الوجود، ونسخة منه . لكن إذا شاهدتْ مولاها الذي خلقهَا تسجد له، أحبَّتْ أمْ كرِهَتْ، خوفًا وقهرًا، أو شوقًا ومحبَّةً، وما دامت لم تشاهد مولاها فلم ترْضَ، ولو أُعطيَتْ ملء الأرض ذهبًا، ولا تُغْلب، ولو صَرَعها الوجود بأسره، ولا تسكن ولا تستريح ولا تريح حتى تشاهده، إما في الحياة أو بعد الموت.
وأما صرفها عمَّا تريد فإنَّما هو أدبٌ وترْبيَّة لها، وأما غلبها الحقيقي فكما ذكرناه. ولا يعرف هذا حقيقة إلأَّ من سلكَ هذا الفنَّ وأخده عن أهله وقليل ما هم.
نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد