خاطرٌ سَنَحَ فتمادَتْ به المِنَحُ
أوقاتُ الفقير أعزُّ وأعلى مِنَ الكَدَرِ والصَّفاءِ.
إذِ الشَّأْنُ الإلهيُّ خارجٌ عن أحكامِ الأطوارِ البشريَّةِ.
فمَنْ غيَّرتهُ الحوادثُ بالصَّفاءِ والكَدَرِ فليس مِنَ الفقرِ بشيءٍ.
لا أعْنِي بهذا التَّغَيُّر التَّغَيُّرَ الجسمانيِّ بالذَّبُولِ والطَّراوَةِ، ولا التَّقَلُّبَ بتغايُرِ الألوان، بل أردتُ بذلك التَّغَيُّرَ القَلْبيَّ المُنْزِلِ للرُّوحِ منْ أفقِهِ العليِّ الأعلى إلى الحضيضِ الأزهدِ الدَّنِيِّ الأدنَى.
والله الموفق لا عارِفَ به غَيْرُهُ.
نُورٌ لَمَعَ وفَجْرٌ سَطَعَ، فَقَلْبٌ أَمِنَ وقَلْبٌ جَزَعَ
لابُدَّ للعارِفِ منَ العُبُورِ مِنْ مَنزِلَي الرَّجاءِ والخوفِ، فإنَّهمَا قَيدانِ يَمنَعانَكَ عَنِ التَّحَقُّقِ بالحقائقِ الإلهية التي هي مُحقَّقَةٌ لك.
فإن كنتَ مِمَّنْ يَطرَأَ عليه الخوفُ والرَّجاءِ وقتاً مّا، أو لِفِعْلٍ مَّا، أو لِشُهودِ أمر مَّا، فلسْتَ مِنَ الفَقْرِ بشيءٍ.
وكذلك إن كنتَ ترجوا أمراً ما ممَّا يتعلَّقُ بالفَتحِ عليكَ من أمرِ الله في الحقيقة، أو من أمرِ الدُّنيا والآخرة، أو بما يختصُّ بك ممَّا وُعِدْتَ به بواسطةٍ أو بغيرِ واسطةٍ، فأنتَ مشركٌ مُبعدٌ، ليس لك في الحقيقة قَدَمٌ.
والعارفُ عندنا مَنْ لا يتغيَّر بوجهٍ منَ الوجوهِ حتَّى لو قُدِّرَ عليه ذَبْحُ ألْفِ ولِيِّ لله، أو لو أُعطِيَ القُطْبِيَّةُ لَمَا فَرِحَ، أو لو وُعِدَ بِالغَوْثِيَّةِ لَمَا رَجَا.
إذْ كًلُّ مُتَغيِّرٍ ليسَ مِنَ الفقرِ على أصْلٍ فافهم.
إذْ كًلُّ مُتَغيِّرٍ ليسَ مِنَ الفقرِ على أصْلٍ فافهم.