قسم الأحوال
وهناك ينْمَحِقُ التَعمُّل والكَسْب، ويترَقَّى القلْبُ إِلَى مَقَامِ السِرِّ، ويَكُونُ صَاحِبُ الحَال مَصْحُوباً، مَحْمُولاً فِي السَّيْرِ كراكِبِ البحْرِ يُسَارُ بِهِ، ولاَ يَدْرِي، قال تعالى:{سُبْحَانَ الذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإِسراء:الآية1].
ويتوالى عليه الأحوال بمحض الموهبة، ويتواتر عليه الألطاف بحكم السابقة واللاحقة.
وأول ما يتشرف به الأحوال هي :
المحبة :
التي هي : آية الاختصاص، ونتيجة الاصطفاء والإخلاص من قوله تعالى : {ويجبُهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]. فيخلصه الله تعالى : من زيغ البصر، والتلفت في النظر.
وأصلها في الأحوال :الابتهاج بشهود الحق ، وتعلق القلب به معرضًا عن الخلق،. معتكفًا على المحبوب بجوامع هواه غير ملتفت إلى ما سواه.
وصورته في البدايات : التلذذ بالعبادة، والتسلي عن فوات أشتات التفرقة.
وفي الأبواب : جمعية الباطن بالسلو عما سوى المحبوب، والإخبات إلى جنابه مع الإعراض عما سواه من كل مرغوب.
وفي المعاملات : شغل القلب بالحبيب، والفراغ عن كل حميم وقريب.
وفي الأخلاق : محبة الخصال المقربة منه، وتجنب الملكات المبعدة عنه.
وفي الأصول : تجريد القصد المستوي إليه عن الموانع، وتصميم العزم، وتهجر القواطع.
وفي الأودية : تهيج دواعي العشق بالنظر في الآيات ودوام مطالعة حسن الصفات.
ودرجتها في الولايات : الابتهاج بحسن الصفات، والتنور بنور الذات عند التحقق بالأسماء بمحو الرسوم والسمات.
وفي الحقائق : محبة تخطفه عن أودية تفرق الصفات إلى حضرة جمع الذات.
وفى النهايات : حب الذات للذات فى الحضرة الأحدية بفناء رسم الحدوث في عين الأزلية.
عبد الرزاق القاشاني